وأما قوله:(ونَهى أن تخرج المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه. فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع) .
فإن المرأة خلقت مسكنا للرجال، وكذا أخبر في تنزيله:(وَجَعَلَ مِنها زَوجَهَا لِيسكُنَ إليها) . وقالك (خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكٌم أَزواجا لِتَسكُنُوا إليها) .
فأصل تزويجها للعفة والسكون؛ فإن النفس تضطرب للشهوة الهائجة فتهبط في الهلكة والدنس؛ فجعلت هذه ليسكن عن الإضطراب ويعف عن الدنس. فإذا عقد النكاح، وضمن المهر؛ فالمرأة في وثاقه، ومهرها لازم عليه، ونفقتها جارية على الزوج، ومن حق الزوج عليها أن تكون مستعدة لحاجته إليها. وهي لا تدري متى يكون وقت الحاجة، ومتى تهيج الشهوة فعرضت له الحاجة إليها، فإذا فقدها عند الحاجة خيف عليه أن يجد الشيطان سبيلا إلى إهلاكه، فيقع في الزنا. فهذه عاصية قد استوجبت اللعنة في الملكوت. وربما خرجت فعرضت نفسها للرجال، وفي الزوج غيرة، فهو يقاسي تلك الغيرة والمرأة في الخيانة له أن ترى شخصها غيره، فيلتذ بمحاسنها فوق الثياب، وهي في وثاقه وملكه، ونفقتها جارية عليه، وقد بذل مهرها وألزم نفسه ذلك.
فإذا خرجت بإذن الزوج، فقد سقطت هذه المؤن عنها، وليس عليها من قبل الزوج تبعة في وقت الفقد عند الحاجة.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه خرج يوما فرجع من الطريق كالمستعجل، فرؤى ذلك في وجهه، في البيت نساء فخرجن، فأتى أهله، ثم خرج ورأسه يقطر، فقال:(إنه ألقى في نفسي شهوة النساء، فقمت لذلك، ورجعت إليكم، كان ذلك فافعلوا هكذا من أماثل أعمالكم) . وقال في حديث آخر:(إذا رأى أحدكم امرأة، فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته، فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في قلبه) .