قَالَ تَعَالَى {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما} وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ مهاناً إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملاً صَالحا} وَقَالَ تَعَالَى {من أجل ذَلِك كتبنَا على بني إِسْرَائِيل أَنه من قتل نفساً بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذا الموؤودة سُئِلت بِأَيّ ذَنْب قتلت} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجتنبوا السَّبع الموبقات فَذكر قتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَقَالَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الذَّنب أعظم عِنْد الله تَعَالَى قَالَ أَن تجْعَل لله نداً وَهُوَ خلقك قَالَ ثمَّ أَي قَالَ أَن تقتل ولدك خشيَة أَن يطعم مَعَك قَالَ ثمَّ أَي قَالَ أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك فَأنْزل الله تَعَالَى تصديقها {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون}
الْآيَة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فِي النَّار قيل يَا رَسُول الله هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ حَرِيصًا على قتل صَاحبه قَالَ الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان رَحمَه الله هَذَا إِنَّمَا يكون كَذَلِك إِذا لم يَكُونَا يقتتلان على تَأْوِيل إنما يقتتلان على عَدَاوَة بَينهمَا وعصبية أَو طلب دنيا أَو رئاسة أَو علو فَأَما من قَاتل أهل الْبَغي على الصفة الَّتِي يجب قِتَالهمْ بهَا أَو دفع عَن نَفسه أَو حريمه فَإِنَّهُ لَا يدْخل فِي هَذِه لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالْقِتَالِ للذب عَن نَفسه غير قَاصد بِهِ قتل صَاحبه إِلَّا إِن كَانَ حَرِيصًا على قتل صَاحبه وَمن قَاتل بَاغِيا أَو قَاطع طَرِيق من الْمُسلمين فَإِنَّهُ لَا يحرص على قَتله إِنَّمَا يَدْفَعهُ عَن نَفسه فَإِن انْتهى صَاحبه كف عَنهُ وَلم يتبعهُ فَإِن الحَدِيث لم يرد فِي أهل هَذِه الصفة فَأَما من خَالف هَذَا النَّعْت فَهُوَ الَّذِي دخل فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكرنَا وَالله أعلم وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال العَبْد فِي فسحة من دينه مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يقْضى بَين النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي الدِّمَاء وَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقتل مُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَالْيَمِين الْغمُوس وَسميت غموساً لِأَنَّهَا تغمس صَاحبهَا فِي النَّار وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقتل نفس ظلماً إِلَّا كَانَ على ابْن آدم الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سن الْقَتْل مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل معاهداً لم يرح رَائِحَة الْجنَّة وَإِن رائحتها لتوجد من مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما أخرجه البُخَارِيّ فَإِذا كَانَ هَذَا فِي قتل الْمعَاهد وَهُوَ الَّذِي أعْطى عهداً من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي دَار الْإِسْلَام فَكيف يقتل الْمُسلم وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا وَمن قتل نفساً معاهدة لَهَا ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله فقد أَخْفَر ذمَّة الله وَلَا يرح رَائِحَة الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة خمسين خَرِيفًا صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعَان على قتل مُسلم بِشَطْر كلمة لَقِي الله مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ آيس من رَحْمَة الله تَعَالَى رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَعَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا الرجل يَمُوت كَافِرًا أَو الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا نسْأَل الله الْعَافِيَة