الخسران في الشرع هو غبن الإنسان في حظوظه من ربه عز وجل.
وهذا هو الخسران المبين.
فمن خسر ربه .. وخسر دينه .. وخسر وقته .. وخسر عمره .. وخسر الجنة .. فلا أحد أشد خسارة منه.
وكل إنسان خاسر في الدنيا والآخرة إلا من اتصف بأربع صفات هي:
الإيمان بالله .. والعمل الصالح .. والتواصي بالحق .. والتواصي بالصبر.
قال الله تعالى {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} [العصر/١ - ٣].
وقد أعطى الله كل إنسان أعظم رأس مال في الدنيا، وهو عمر الإنسان بأيامه ولياليه، وأمره بالاتجار معه في رأس هذا المال؛ ليسعد في دنياه وآخرته.
والناس في تحريك رأس هذا المال صنفان:
١ - العاقل يحرك رأس هذا المال، ويتّجر به مع ربه الكريم الذي يعطيه على الحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، الى ما لا يعلمه إلا الله من الحسنات.
فأوقاته تارة في عبادة .. وتارة في دعوة .. وتارة في تعليم .. وتارة في إصلاح وإحسان.
٢ - الأحمق، وهو الذي يلعب برأس هذا المال بإنفاق أوقاته في مساخط الله.
- فقه الاستفادة من الأوقات:
الله عز وجل اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ووعدهم على ذلك الجنة، فعلى المسلم أن يقضي وقته على الكيفية التي قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيؤدي فرائض الله عز وجل، ويمتثل أمر ربه في كل حال من أحواله كل يوم ... عند الوضوء، وعند الأكل، وعند النوم، وفي سائر أحواله، ويصرف جزءاً يسيراً من وقته في أمور الكسب والمعاش.
وجُلَّ وقته يدعو الناس إلى الله كي يعبدوه ويوحدوه، فإذا فرغ، أو لم يتيسر له من يدعوه، تزوَّد من العلم، أو عَلَّم غيره من المسلمين أحكام الدين.
فإذا فرغ، أو لم يتيسر له من يعلمه، أو يتعلم منه اشتغل بخدمة إخوانه المسلمين، وقضاء حاجاتهم، والتعاون على البر والتقوى.
فإذا فرغ، أو لم يتيسر له أن يقوم بذلك اشتغل بنوافل العبادات كالسنن المطلقة، وتلاوة القرآن، والأذكار ونحوها من القُرَب والأعمال الصالحة، وهكذا يُقدم ما نفعه أعم للناس في كل حال.