الخضاب بالسواد

الخضاب بالسواد

اللفظ / العبارة' الخضاب بالسواد
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

وأما قوله: (ونهى عن الخضاب بالسواد) .

فهذا من أجل أنه غرر، فإن أراد أن يتزوج ولم يبيحه كان غررا ومن أجل أن الشيب وقار أكرم الله به إبراهيم عليه السلام ومن تبعه على ملته، فإذا شاب وغيره بالسواد فكأنه رفض تلك الكرامة وزينتها وحرم وقاره؛ لأنه يريد أن يتشبه بالحالة الأولى.

وهذا تأديب واختيار من النبي صلى الله عليه وسلم للأمة. ومن فعله لم يقع في النهي المأثوم، وقد كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يخضبان بالسواد، وقد فعله كثير من الصحابة، غلا أن الخضاب على الغالب الحمرة والصفرة، فقد زجر عن ذلك في وقته.

حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن أبي رباح، عن مجاهد، قال: أول من خضب بالسواد فرعون.

فهذا فعل الجبارين الذين يأنفون من الشيب، ويكرهون أن يكونوا في زي الضعفاء المشيخة. فأما عبد تذلل لله عبادة وعبودية، فإن خضب بالسواد ليتزين به عند أهله أو ليهيب العدو إذا خرج غازيا، فإن الشاب أنكى في العدو

[الخضاب بالسواد]

وأما قوله: (ونهى عن الخضاب بالسواد) .

فهذا من أجل أنه غرر، فإن أراد أن يتزوج ولم يبيحه كان غررا ومن أجل أن الشيب وقار أكرم الله به إبراهيم عليه السلام ومن تبعه على ملته، فإذا شاب وغيره بالسواد فكأنه رفض تلك الكرامة وزينتها وحرم وقاره؛ لأنه يريد أن يتشبه بالحالة الأولى.

وهذا تأديب واختيار من النبي صلى الله عليه وسلم للأمة. ومن فعله لم يقع في النهي المأثوم، وقد كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يخضبان بالسواد، وقد فعله كثير من الصحابة، غلا أن الخضاب على الغالب الحمرة والصفرة، فقد زجر عن ذلك في وقته.

حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن أبي رباح، عن مجاهد، قال: أول من خضب بالسواد فرعون.

فهذا فعل الجبارين الذين يأنفون من الشيب، ويكرهون أن يكونوا في زي الضعفاء المشيخة. فأما عبد تذلل لله عبادة وعبودية، فإن خضب بالسواد ليتزين به عند أهله أو ليهيب العدو إذا خرج غازيا، فإن الشاب أنكى في العدو من الشيخ وأهيب له، لم تلحقه سنن الفراعنة، وهو على كل مراده أمر جميل.

حدثنا قتيبة، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (غيروا الشيب، ولا تقربوه السواد، ولا تشبهوا باليهود) .

حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: جيء بأبي قحافة يوم فتح مكة ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمك (غيروا هذا الشيبن وجنبوه السواد) .

قال أبو عبد الله رحمه الله: فالشيب وقار، وإنما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتغييره مخالفة أهل الكتاب.

حدثنا حميد بن الربيع اللخمي ويعقوب بن شيبة قالا: حدثنا محمد بن كناسة، عن هشام بن عروة، عن أخيه عثمان بن عزوة، عن الزبير بن العوام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) .حدثنا علي بن حجر، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (غيروا اللحى ولا تشبهوا بالأعاجم) .

وحدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق العبدي، حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا الأجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود الديلين عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم) .

وحدثنا علي بن حجر السعدي ويحيى بن أحمد الطائي، قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي، حدثنا سالم بن عبد الله الكلاعي، عن أبي عبد الله القرشي، عن عبد الله ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصفرة خضاب المؤمن، والحمرة خضاب المسلم، والسواد خضاب الكافر) .

وحدثنا محمد بن يحيى القصري، حدثنا أبو حمص العبدي، عن محمد ابن إبراهيم بن عكاشة السدي، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) عليكم بالحناء؛ فإنه خضاب الإسلام، يزيد في حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا جندل بن والق، حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقى، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) يكون قوم في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد لا ينظر الله إليهم يوم القيامة (.

قال أبو عبد الله رحمه الله: فهذا فعل أهل العتو والجبرية في آخر الزمان، وكذلك كان من قبل فعل الفراعنة. فإن المرء إذا شاخ راح، وإذا راح استحقره السفهاء، واستوقره العقلاء، وكان أهل العتو يأنفون من ذلك، ويغيرونه بالسواد، يخفون على الناظرين إليهم أحوالهم.

فهذه مثلة يريد أن يعود في هيئة الشاب، وقد قال الله تعالى في تنزيله.

فيما يحكي عن قول العدو: (وَلآَمُرَنَهُم فَلَيُغَيِرُنَّ خَلقَ الله) . وقال الله تعالى: (لاَ تَبديلَ لِخَلقِ الله) . فإذا أَذهب المغير وقاره بسواد، فهو كأنه يريد أن يعود كما كان، لحبه للشباب، وحرصه على العمر. فإنه يكره الشيب؛ لأنه علامة لإقباله على الموت ... ألا ترى أن أول من خضب بالسواد فرعون، فهو السابق على العتو.

إلا ان المجوس يحفون لحاهم، ويعفون شواربهم، يريدون بذلك التعلم والتجلد للسنين، فقال صلى الله عليه وسلم: (خالفوا المجوس؛ جزوا الشوارب، وأوفروا اللحى) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أهل الشرك يعفون شواربهم ويحفون لحاهم، فخالفوهم فأعفوا اللحى وحفوا الشوارب) .

ففي مذهب كسرى التجلد والتجبر والعتو، وأن يكون في هيئة الغلمان والشبان. وفي مذهب محمد صلى الله عليهوسلم التواضع، والعبودية لله، والتطهير، وزينة الرجال في اللحى (وتطهرهم في قص الشارب لئلا يبقى فيه وضر الطعام) .

قال أبو عبد الله رحمه الله: فأما منيرخص في خضاب السواد من السلف فلمعنى غير هذا.

حدثنا محمد بن مرزوق البصرين حدثنا علي بن عيسى، حدثنا الصديق بن عمر، حدثني رفاع السدوسي، حدثنا ابن صهيب، حدثه عن أبيه صهيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اختضبوا بالسواد؛ فإنه أنس للزوجة، ومكيدة للعدو) .

وحدثنا على بن حجر، حدثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي، قال: سمعت أبا لاحق يحدث عن عبد الله بن معاوية، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (اختضبوا بالسواد؛ فإنه أنس للنساء، وهيبة للعدو) .

حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن الجعد بن عبد الرحمن، عن السايب بن سبيع، بعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أبيض الرأس واللحية، فرجع وهو أسود الرأس واللحية يتراءى ويتمارى في معرفته.

وحدثنا عبد الجبار، حدثنا الحسن بن حبيب بن ندية، عن عبد الصمد ابن حبيب، عن أبيه، عن الحكم بن عمرو الغفاري، قال: دخلت أنا وأخي رافع على عمر بن الخطاب رضي لاله عنه وأنا مخضوب بالحناء وأخي بالصفرة، فقال: أما خطابك فخضاب الإسلام، وأما خضاب أخيك فخضاب الإيمان ... وسئل عن السواد، فكرهه.

قال أبو عبد الله رحمه الله: فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه: (آنس للزوجة، ومكيدة للعدو) ، وكذلك قول عمر رضي الله عنه من بعده على الوجهين جميعا. فللنساء على أزواجهن حقوق، منها حق التزين لهن وقال ابن عباس رضي الله عنه: إني لأحب أن أتزين لأمرأتي كما أحب أن تتزين لي.

فمن التزين أن يخفي شيبه، ويخضبه بسواد، فإن كان لهذا يفعله فهو خارج من النهي عندنا.. ألا ترى أن محمد بن الحنفية رحمه الله لما خرج إلى الناس في حمراء أنكروا عليه، فقال: هذا ألقته علىّ أهلي، وإنهن يحببن منا ما نحب منهن ... حدثنا بذلك فضالة بن فضل، والجارود به معاذ، قالا: حدثنا يزيغ الحنظلي، عن أبي وهب، عن الضحاك، عن محمد بن الحنفية.

ألا ترى أن عثمان رضي الله عنه لما دخل بامرأته، فرأت به منالشيب، ففطن لها عثمان رضي الله عنه، فقال لها: إنما وراء الشيب ما تحبين.

فللنساء في هذا تمييز ونظر وميل إلى الأشب فالأشب؛ لأن نهمتها في الرجال؛ لأنها خلقت من الرجل.

وكذلك الحسن بن علي رضي الله عنه اختضب بالسواد؛ لأنه في الخبر أنه تزوج ثلثمائة.

وإنما قال: (الحمرة خضاب الإسلام، والصفرة خضاب الإيمان) ؛ لأن الإسلام في الحياة، والإيمان عند الموت؛ لأنه إذا قرب الموت زالت عنه أعمال الشريعة، والإسلام ما ظهر، والإيمان ما بطن. حتى يقدم إلى ربه وقد غير شيبه، لئلا يشبه أهل الكتاب.

كتاب المنهيات،ص:196إلى 202.







Loading...