وأما قوله:(ونهى أن يتختم الرجل والمرأة بخاتم من حديد، وعن خاتم الصفر، وخاتم الذهب) .
فالحديد حلية أهل النار، وأما خاتم الصفر فمن أجل الأصنام، وأما خاتم الذهب فمن أجل أن الذهب محرم على الذكور.
حدثنا أبي، حدثنا جندل بن والق، حدثنا محمد بن الفضل بن عطية، عن عبد الله بن مسلم الباهلي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: دخل رجل من الأنصار على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من حديد، فقال:(مالي أرى عليك حلية أهل النار؟ ن فنزعه فاتخذ خاتم من شبه. فقال) مالي مالي أجد منك ريح الأصنام؟ فقال: فماتأمرني يارسول الله؟ قال:(اتخذه فضة، ولا تتمه مثقالا) .
فأما الخاتم من الذهبن فروى في حديث آخر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وبيده ذهب وحرير، فقال:(هذان حرامان على ذكور أمتي، حل لإناثهم) حدثنا بذلك قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي أفلح الهمداني، عن عبد الله زريز الغافقي: أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إنَّ هذين حرام على ذكور أمتي).
حدثنا محمد بن علي الشقيقي، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(هذان محرمان على ذكور أمتي حل لإناثهم) .
أخبرنا يحيى بن أحمر، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتختم بالذهب ولا يلبس القسى) .
حدثنا سليمان بن أبي هلال الدهني، حدثنا أبو الأحوص، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن معاوية بن سويدن عن البراء بن عازب، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب (.
قال أبو عبد الله رحمه الله: فإنما وقع هذا النهي على الرجال دون النساء؛ لأن المرأة تتزين لزوجها للعفة عن الحرام، وليس على الرجال من الزينة كل ذلك، إنما على الرجال التنظيف والتطهير والتطييب؛ لأن بغية النساء من الرجال الفراش، لأن المرأة خلقت من الرجل، فنهمتها في الرجال، والرجل يتخير ويبغي الزينة والحلية؛ لأن نهمته متشعبة في النساء وفي غيرها من سائر الشهوات(.
وروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:) خلق الرجل من طين، فنهمته في الطين، وخلقت المرأة من الرجل؛ فنهمتها في الرجال (.
وقال الله تعالى جده:) أَوَ مَن يُنَشَأُ في الحِليَة (.
فالحلية لهن دون الرجال.
حدثنا على بن حجر، شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب وأجر زعب، فأعطاني ملء كفه حليا أو ذهبا. حدثني يعقوب بن شيبة، حدثني إسحاق بن عيسى الطباع، عن شريك بإسناده مثله غير أنه قال: أعطاني ملء كفه ذهبا وقال:) " تحلى به (.
حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا عبد الله بن نمير، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلى فيها خاتم من ذهب، فيه فصى حبشي، فأخذه رسول الله صلى الله عليهوسلم بعود أو ببعض أصابعه، وإنه ليعرض عنه، فدعا ابنته أمامة بنت أبي العاص، فقال:) تحلى بهذا يا بنية حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدثني سرى بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال:أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلادة، فقال:(لأعطينها أحبَّ أهلي إلىَ)؛ فتغير ألوان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل واحدة تقول يعطى صاحبتي، حتى إذا استبان في وجوههن وأمامة في ناحية البيت، فقال:" تعالى يا بنية "فعلقها في عنقها (.
حدثنا موسى بن عبد الله السيقل، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أم محمد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال أبو عبد الله رحمه الله: أما ما جاء من حديث البراء: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب. ثم روى من فعله - فذاك له خاص. حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن مجعفر وابن مهدي، حدثنا شعبة، عن أبي السفر، قال: رأيت على البراء رضي الله عنه خاتما من ذهب.
حدثنا محمد بن شجاع المروزي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق قال: رأيت على البراء خاتما من ذهب.
وحدثنا محمد بن مقبل، حدثنا عيسى بن خالد، عن شيخ من أهل جوزجان، قال: رايت على البراء خاتما من ذهب، فقلت: ما هذا؟ قال: رخص لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثنا محمد بن معمر البصرى، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الباجي، حدثنا أبو المغيرة الجوزجاني، عن البراء بن عازب، قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب، فقال:(تحل ما ألبسك الله ورسوله) .
فهذا كشف عن أمر البراء أنه له خاص ومكرمة من الله.. ألا ترى أنه قال:(ما ألبسك الله) والذي قال: (نهانا) فإنما هي للعامة.