لأنه إذا نقش يحول صورة، والمصور هو الله تعالى، وقد زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصاوير، وقال:(أشد الناس عذابا المصورون، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) .
فإذا نقش في الخاتم حيوانا، ثم ختم به في طينة أو في شيء صارت صورة.
وأما ما جاء من الأخبار في نفس من لبس من الصحابة والتابعين الخواتيم التي فيها هذه النقوش، فروى عن حذيفة: أنه لبس خاتما عليه نقش كركيين متقابلين، وفلان لبس خاتما فيه ذباب، وأشباه هذا - أحاديث كثيرة. سمعت سفيان بن وكيع يقول:سمعت أبي يقول لما حدث بهذه الأحاديث: أن هذه خواتيم العجم، فلما فتحوا كور الأعاجم غنموها، فإنما لبسوها من أجل أنها غنيمة، ولم يعبئوا بذلك النقش.
حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج، حدثنا عقبة بن خالد السكوني، عن أبي أمية بن يعلى الثقفي، عن أبي الزناد، قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسى خاتما من فضة عتيق، عليه أسدان متقابلان، بينهما رجل يلحسانه.
قال أبو عبد الله رحمه الله: فهذا خاتم قد روى في الأخبار أنه خاتم دانيال عليه السلام، لما فتحت تستر غنموه وأميرهم أبو موسى فأصابه في الفىء، وذلك أن دانيال عليه السلام لما ألقى في البئر، وفيه أسدان قد خرجا فجعلا يلحسانه - كي يكون نصب عينيه عطف الله عليه. فلما لبسه أبو موسى رضي الله عنه لم يغيره عن حاله. وهذا كما فعل داود عليه السلام أحب أن تكون الخطيئة نصب عينيه، فسأل ربه أن ينقشها في كفه، ففعل، فكان إذا رآهما اضطربت يده فوقع الإناء من يده.