وأما قوله:(ونهى عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت: أن ينبذ في شيء منها) .
وذلك أن الدباء هو القرع، فإذا اشتد فيه وغلا لم يشعر، وكذلك الحنتم وهي جرار مقبرة، وكذلك النقير وهو خشب منقور مجوف، والمزفت، وهو الذي قد ضرب بالزفت.
فهذه أوعية لا تنشق إذا إلى ما فيها فيعلم به صاحبه فيجتنبه. فإنما حرم عنه باب شرب النبيذ الذي يغلي ويشتد، والمراد منه هذا. ثم لما استحكم تحريم كل مسكر في قلوبهم فاجتنبوه، قال:(إن الأوعية لاتحرم شيئا ولا تحله)أدخلي عنهم فقال:(اشربوا من الأشربة ما طاب لكم، فإذا خبث فذروه). حدثنا بذلك صالح بن محمد، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبي، حدثنا الحماني وعفان قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن يحيى بن التميمي، عن عمرو بن عامر، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن الأوعية، فاشربوا فيها، ولا تشربوا مسكرا) .
وقال عثمان رضي الله عنه: اشربوا فيها ما شئتم، فمن شاء أو كي سقاه على إثم. حدثنا حفص بن عمر، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا فرق السنجي، حدثنا جابر بن زيد: أنه سمع مسروقا يحدث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كنت نهيتكم عن هذه الظروف، فانتبذوا فيها، واجتنبوا كل مسكر) .
حدثنا ابن أبي مسرة، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا إبن أبي صالح، عن أيوب بن هلال، عن مسروق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إن وعاء لا يحل شيئا ولا يحرمه، وكل مسكر حرام) .