إهمال تعلم التوحيد التي دعت إليه الرسل عليهم السلام.

إهمال تعلم التوحيد التي دعت إليه الرسل عليهم السلام.

اللفظ / العبارة' إهمال تعلم التوحيد التي دعت إليه الرسل عليهم السلام.
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

- التوحيد:

هو إفراد الله تعالى بما يختص به وما يجب له سبحانه.

بأن يتيقن العبد أن الله واحد لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.

ومعناه: أن يتيقن العبد ويقر أن الله وحده رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق وحده، والمدبر للكون كله وحده، وأنه سبحانه هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأن كل معبود سواه فهو باطل، وأنه سبحانه متصف بصفات الكمال، منزه عن كل عيب ونقص، له الأسماء الحسنى والصفات العلا.

قال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (٨)[طه/٨].

- فقه التوحيد:

الله جل جلاله واحد لا شريك له، أحد لا مثيل له في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، له الملك والخلق والأمر وحده لا شريك له.

هو الملك وكل ما سواه مملوك له .. وهو الرب وكل ما سواه عبد له .. وهو الخالق وكل ما سواه مخلوق: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا} [الإخلاص/١ - ٤].

وهو سبحانه القوي وكل ماسواه ضعيف .. وهو القادر وكل ما سواه عاجز .. وهو الكبير وكل ما سواه صغير .. وهو الغني وكل ما سواه فقير إليه .. وهو العزيز، وكل ماسواه ذليل .. وهو الحق وكل معبود سواه باطل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠)} [لقمان/٣٠].

وهو سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه .. العلي الذي لا اعلى منه .. الكبير الذي لا أكبرمنه .. الرحمن الذي لا أرحم منه.

وهو سبحانه القوي الذي خلق القوة في كل قوي .. القادر الذي خلق القدرة في كل قادر .. الرحمن الذي خلق الرحمة في كل راحم .. العليم الذي علّم كل مخلوق .. الرزاق الذي الذي خلق جميع الأرزاق والمرزوقين:

{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢)[الأنعام/١٠٢].

وهو سبحانه الإله الحق الذي يستحق العبادة وحده دون سواه، لذاته وجلاله وجماله وجميل إحسانه، وله وحده الأسماء الحسنى والصفات العلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)[الشورى/ ١١].

وهو الحكيم العليم الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)[الأعراف/ ٥٤].

وهو سبحانه الأول قبل كل شيء .. الآخر بعد كل شيء .. الظاهر فوق كل شيء .. الباطن دون كل شيء .. العليم بكل شيء وحده لا شريك له: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣)[الحديد/ ٣].

٢ - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/٣٦].

٢ - توحيد الربوبية يقر به الإنسان بموجب فطرته ونظره في الكون، والإقرار به وحده لا يكفي للإيمان بالله والنجاة من العذاب، فقد أقر به إبليس، وأقر به المشركون فلم ينفعهم لأنهم لم يقروا بتوحيد العبادة للهِ وحده.

فمن أقر بتوحيد الربوبية فقط لم يكن موحداً ولا مسلماً، ولم يَحْرم دمه ولا ماله حتى يقر بتوحيد الألوهية، فيشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويقر بأن الله وحده هو المستحق للعبادة دون سواه، ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له.

- توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية متلازمان:

١ - توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، فمن أقر بأن الله وحده هو الرب الخالق المالك الرازق لزمه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده، فلا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يصرف شيئاً من أنواع العبادة إلا للهِ وحده دون سواه، وتوحيد الألوهية مستلزم لتوحيد الربوبية فكل من عبد الله وحده ولم يشرك به شيئاً لا بد أن يكون قد اعتقد أن الله ربه وخالقه ومالكه.

٢ - الربوبية والألوهية تارة يذكران معاً فيفترقان في المعنى فيكون معنى الرب المالك المتصرف ويكون معنى الإله المعبود بحق المستحق للعبادة وحده دون سواه كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣)[الناس/١ - ٣].

وتارة يذكر أحدهما مفرداً عن الآخر فيجتمعان في المعنى كقوله سبحانه: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام/١٦٤].

- حقيقة التوحيد ولبابه:

أن يرى الإنسان الأمور كلها من الله تعالى رؤيةً تقطع الالتفات عن غيره من الأسباب والوسائط، فلا يرى الخير والشر، والنفع والضر ونحوهما إلا منه تعالى، وأن يعبده سبحانه عبادة يفرده بها ولا يعبد غيره معه.

- ثمرات حقيقة التوحيد:

التوكل على الله وحده، وترك شكاية الخلق، وترك لومهم، والرضا عن الله تعالى، ومحبته، والتسليم لحكمه، وحسن عبادته، ولزوم طاعته.

٣ - فضل التوحيد:

١ - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)[الأنعام/٨٢].

٢ - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيْسَى عَبْدُاللهِ وَرَسُولُه وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ». متفق عليه (١).

- جزاء أهل التوحيد:

١ - قال اللهُ تعالى: { ... وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥)[البقرة/٢٥].

٢ - وعن جابر رضي الله عنه قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ فقال: «مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ النَّار». أخرجه مسلم (٢).

- عظمة كلمة التوحيد:

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحاً - صلى الله عليه وسلم - لما حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لابنهِ: «إنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بـ (لا إلَهَ إلَّا الله) فَإنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ، رَجحَتْ بِهِنَّ لا إلَهَ إلا اللهُ، وَلَو أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالأرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ لا إلَهَ إلا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإنَّهَا صَلاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ ... ». أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد (١).

- كمال التوحيد:

التوحيد لا يتم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له، واجتناب الطاغوت كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/٣٦].

- صفة الطاغوت:

الطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود كالأصنام، أو متبوع كالكهان وعلماء السوء، أو مطاع كالأمراء والرؤساء الخارجين عن طاعة الله.

والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة:

إبليس أعاذنا الله منه، ومن عُبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حَكَم بغير ما أنزل الله.

قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥٧)[البقرة/٢٥٧].


(١) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (٦٥٨٣)، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (٥٥٨)، انظر السلسلة الصحيحة للألباني رقم (١٣٤).


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٤٣٥)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٨).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٩٣).

كتاب مختصر الفقه الإسلامي،ص:15إلى 20.

Loading...