قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ((التحفة)) في بيان الأسماء المكروهة:
(وفي سنن أبي داود من حديث جابر عبد الله قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى أن يسمى بـ: يعلى، وبركة، وأفلح، ويسار، ونافع، وبنحو ذلك، ثم رأيته سكت بعْدُ عنها، فلم يقل شيئاً، ثم قُبِض ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ثم تركه.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدَّثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن عشت إن شاء الله أنهى أُمتي أن يسموا نافعاً ـ وأفلح، وبركة)) قال الأعمش: لا أدري أُذكر نافعاً أم لا.
وفي سنن ابن ماجه، من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن عشت، إن شاء الله، لأنهين أُمتي أن يسموا: رباحاً، ونجيحاً، وأفلح، ويساراً)) .
قلت: وفي معنى هذا: مبارك، ومفلح، وخير، وسرور، ونعمة، وما أشبه ذلك، فإن المعنى الذي كره له النبي التسمية بتلك الأربع موجود فيها، فإنه يُقال: أعندك خير؟ أعندك سرور؟ أعندك نعمة؟ فيقول: لا؛ فتشمئز القلوب من ذلك، وتتطير به وتدخل في باب المنطق المكروه.
وفي الحديث: أنه كره أن يُقال: خرج من عند برة، مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي، وهو تزكية النفس بأنه مبارك، ومفلح، قد لا يكون كذلك، كما روى
(١) (أفلح: كنز العمال ١٦ /٤٢٤، ٤٢٥، ٤٢٦. تهذيب السنن ٧ / ٢٥٦، ٢٥٧. الأدب المفرد مع شرحه ٢/٣٩٥. معالم السنن للخطابي ٤/١٢٨. زاد المعاد ٢/٤، ٦. إعلام الموقعين ٣/ ١٦٣، تحفة المودود ص /١١٦ - ١١٨. جامع الأُصول ١/ ٣٦٠ - ٣٦٢، رقم ١٤٩، ١٥٠، ١٥١. وانظر في حرف التاء: تعس الشيطان.
بو داود في سننه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسمى برة، وقال:((لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم)) .
وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن زينب كان اسمها: برة، فقيل: تزكي نفسها، فسمَّاها النبي - صلى الله عليه وسلم -: زينب. اهـ.
وفي ((شرح الأدب المفرد)) عند قوله: ثم سكت بعد عنها، قال، نقلاً عن ((المرقاة)) : (ثم سكت، رحمة بالأُمة لعموم البلوى وإيقاع الحرج) اهـ.