حكم من عامل الخلق لغير الله .

حكم من عامل الخلق لغير الله .

اللفظ / العبارة' حكم من عامل الخلق لغير الله .
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

وَالسَّعَادَةُ فِي مُعَامَلَةِ الْخَلْقِ: أَنْ تُعَامِلَهُمْ لِلَّهِ فَتَرْجُوَ اللَّهَ فِيهِمْ وَلَا تَرْجُوَهُمْ فِي اللَّهِ وَتَخَافَهُ فِيهِمْ وَلَا تَخَافَهُمْ فِي اللَّهِ، وَتُحْسِنَ إلَيْهِمْ رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ لَا لِمُكَافَأَتِهِمْ وَتَكُفَّ عَنْ ظُلْمِهِمْ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ لَا مِنْهُمْ. كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ: " اُرْجُ اللَّهَ فِي النَّاسِ وَلَا تَرْجُ النَّاسَ فِي اللَّهِ وَخَفْ اللَّهَ فِي النَّاسِ وَلَا تَخَفْ النَّاسَ فِي اللَّهِ " أَيْ: لَا تَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ وَالْقُرَبِ لِأَجْلِهِمْ لَا رَجَاءَ مَدْحِهِمْ وَلَا خَوْفًا مِنْ ذَمِّهِمْ بَلْ اُرْجُ اللَّهَ وَلَا تَخَفْهُمْ فِي اللَّهِ فِيمَا تَأْتِي وَمَا تَذْرُ بَلْ افْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ وَإِنْ كَرِهُوهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: {إنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ أَوْ تَذُمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ} فَإِنَّ الْيَقِينَ يَتَضَمَّنُ الْيَقِينَ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَمَا وَعَدَ اللَّهُ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَيَتَضَمَّنُ الْيَقِينَ بِقَدَرِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ فَإِذَا أَرْضَيْتَهُمْ بِسَخَطِ اللَّهِ لَمْ تَكُنْ مُوقِنًا لَا بِوَعْدِهِ وَلَا بِرِزْقِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى ذَلِكَ إمَّا مَيْلٌ إلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الدُّنْيَا، فَيَتْرُكُ الْقِيَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ؛ لِمَا يَرْجُوهُ مِنْهُمْ. وَإِمَّا ضَعْفُ تَصْدِيقٍ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ أَهْلَ طَاعَتِهِ مِنْ النَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَالثَّوَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّك إذَا أَرْضَيْتَ اللَّهَ نَصَرَكَ وَرَزَقَكَ وَكَفَاكَ مُؤْنَتَهُمْ فَإِرْضَاؤُهُمْ بِسَخَطِهِ إنَّمَا يَكُونُ خَوْفًا مِنْهُمْ وَرَجَاءً لَهُمْ؛ وَذَلِكَ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ وَإِذَا لَمْ يُقَدَّرْ لَك مَا تَظُنُّ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ مَعَك: فَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى اللَّهِ لَا لَهُمْ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَإِذَا ذَمَمْتَهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُقَدَّرْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَعْفِ يَقِينِكِ فَلَا تَخَفْهُمْ وَلَا تَرْجُهُمْ وَلَا تَذُمَّهُمْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِكَ وَهَوَاكَ؛ لَكِنْ مَنْ حَمِدَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الْمَحْمُودُ وَمَنْ ذَمَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الْمَذْمُومُ. وَلَمَّا {قَالَ بَعْضُ وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ: يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي فَإِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ} . وَكَتَبَتْ عَائِشَةُ إلَى مُعَاوِيَةَ وَرُوِيَ أَنَّهَا رَفَعَتْهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا} هَذَا لَفْظُ الْمَرْفُوعِ وَلَفْظُ الْمَوْقُوفِ: " مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنْ النَّاسِ لَهُ ذَامًّا " هَذَا لَفْظُ الْمَأْثُورِ عَنْهَا وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ. وَالْمَرْفُوعُ أَحَقّ وَأَصْدَقُ فَإِنَّ مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِهِمْ كَانَ قَدْ اتَّقَاهُ، وَكَانَ عَبْدَهُ الصَّالِحَ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ وَهُوَ كَافٍ عَبْدَهُ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} . فَاَللَّهُ يَكْفِيهِ مُؤْنَةَ النَّاسِ بِلَا رَيْبٍ وَأَمَّا كَوْنُ النَّاسِ كُلِّهِمْ يَرْضَوْنَ عَنْهُ: فَقَدْ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ لَكِنْ يَرْضَوْنَ عَنْهُ إذَا سَلِمُوا مِنْ الْأَغْرَاضِ وَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْعَاقِبَةُ وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا كَالظَّالِمِ الَّذِي يَعَضُّ عَلَى يَدِهِ يَقُولُ: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} وَأَمَّا كَوْنُ حَامِدِهِ يَنْقَلِبُ ذَامًّا: فَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا وَيَحْصُلُ فِي الْعَاقِبَةِ فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى لَا يَحْصُلُ ابْتِدَاءً عِنْدَ أَهْوَائِهِمْ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

كتاب مجموع الفتاوى ،ج1،ص:52.

Loading...