الْكَبِيرَة الْأَرْبَعُونَ المنان
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} قَالَ الواحدي هُوَ أَن يمن بِمَا أعْطى وَقَالَ الْكَلْبِيّ بالمن على الله فِي صدقته والأذى لصَاحِبهَا وَفِي الصَّحِيح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم المسبل والمنان والمنفق سلْعَته بِالْحلف الْكَاذِب المسبل هُوَ الَّذِي يسبل إزَاره أَو ثِيَابه أَو قَمِيصه أَو سراويله حَتَّى تكون إِلَى الْقَدَمَيْنِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ من الْإِزَار فَهُوَ فِي النَّار وَفِي الحَدِيث أَيْضا ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة الْعَاق لوَالِديهِ والمدمن الْخمر والمنان رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَفِيه أَيْضا لَا يدْخل الْجنَّة خب وَلَا بخيل وَلَا منان والخب هُوَ الْمَكْر والخديعة والمنان هُوَ الَّذِي يُعْطي شَيْئا أَو يتَصَدَّق بِهِ ثمَّ يمن بِهِ وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إيَّاكُمْ والمن بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ يبطل الشُّكْر ويمحق الْأجر ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} وَسمع ابْن سِيرِين رجلاً يَقُول لآخر أَحْسَنت إِلَيْك وَفعلت وَفعلت فَقَالَ لَهُ ابْن سِيرِين اسْكُتْ فَلَا خير فِي الْمَعْرُوف إِذا أحصي وَكَانَ بَعضهم يَقُول من بمعروفه سقط من شكره وَمن أعجب بِعَمَلِهِ حَبط أجره وَأنْشد الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى
لَا تحملن من الْأَنَام
بِأَن يمنوا عَلَيْك مِنْهُ ... واختر لنَفسك حظها
واصبر فَإِن الصَّبْر جنه ... منن الرِّجَال على الْقُلُوب
أَشد من وَقع الأسنه
وَأنْشد أَيْضا بَعضهم فَقَالَ
وَصَاحب سلفت مِنْهُ إِلَيّ بُد
أَبْطَأَ عَلَيْهِ مكافاتي فعاداني ... لما تَيَقّن أَن الدَّهْر حاربني
أبدى الندامة مِمَّا كَانَ أولاني ... أفسدت بالمن مَا قدمت من حسن
لَيْسَ الْكَرِيم إِذا أعْطى بمنان
كتاب الكبائر ، ص:151 / 152 .