التكذيب بالقدر

التكذيب بالقدر

اللفظ / العبارة' التكذيب بالقدر
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي كفر أكبر
القسم المناهي العملية
Content

الْكَبِيرَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ التَّكْذِيب بِالْقدرِ

قَالَ الله تَعَالَى {أَنا كل شَيْء خلقناه بِقدر} قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي تَفْسِيره فِي سَبَب نُزُولهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن مُشْركي مَكَّة أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخاصمونه فِي الْقدر فَنزلت هَذِه الْآيَة انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ مُسلم وروى أَبُو أُمَامَة أَن هَذِه الْآيَة فِي الْقَدَرِيَّة وَالْقَوْل الثَّانِي أَن أَسْقُف نَجْرَان جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّد تزْعم أَن الْمعاصِي بِقدر وَلَيْسَ كَذَلِك فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْتُم خصماء الله فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وروى عمر بن الخطان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة أَمر منادياً فَنَادَى نِدَاء يسمعهُ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ أَيْن خصماء الله فتقوم الْقَدَرِيَّة فَيُؤْمَر بهم إِلَى النَّار يَقُول الله {ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَإِنَّمَا قيل لَهُم خصماء الله لأَنهم يُخَاصِمُونَ فِي أَنه لَا يجوز أَن يقدر الْمعْصِيَة على العَبْد ثمَّ يعذبه عَلَيْهَا وروى هِشَام بن حسان عَن الْحسن قَالَ وَالله لَو أَن قدرياً صَامَ حَتَّى يصير كالحبل ثمَّ صلى حَتَّى يصير كالوتر لكبه الله على وَجهه فِي سقر ثمَّ قيل لَهُ ذُقْ مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر وروى مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَيْء بِقدر حَتَّى الْعَجز والكيس وَقَالَ ابْن عَبَّاس كل شَيْء خلقناه بِقدر مَكْتُوب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ قبل وُقُوعه قَالَ الله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ ابْن جرير فِيهَا وَجْهَان أَحدهمَا أَن تكون بِمَعْنى الْمصدر فَيكون الْمَعْنى وَالله خَلقكُم وعملكم وَالثَّانِي أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي فَيكون الْمَعْنى وَالله خَلقكُم وَخلق الَّذِي تعملونه بِأَيْدِيكُمْ من الْأَصْنَام وَفِي هَذِه الْآيَة دَلِيل على أَن أَفعَال الْعباد مخلوقة وَالله أعلم وَقَالَ الله تَعَالَى {فألهمها فجورها وتقواها} الإلهام إِيقَاع الشَّيْء فِي النَّفس قَالَ سعيد بن جُبَير ألزمها فجورها وتقواها وَقَالَ ابْن زايد جعل ذَلِك فِيهَا بتوفيقه إِيَّاهَا للتقوى وخذلانه إِيَّاهَا للفجور وَالله أعلم وَفِي الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله من على قوم فألهمهم الْخَيْر فأدخلهم فِي رَحمته وابتلى قوماً فخذلهم وذمهم على أفعالهم وَلم يستطيعوا غير مَا ابْتَلَاهُم فعذبهم وَهُوَ عَادل لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون وَعَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بعث الله نَبيا قط وَفِي أمته قدرية ومرجئة إِن الله لعن الْقَدَرِيَّة والمرجئة على لِسَان سبعين نَبيا وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَدَرِيَّة مجوس هَذِه الْأمة وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل أمة مجوس ومجوس هَذِه الْأمة الَّذين يَزْعمُونَ أَن لَا قدر وَأَن الْأَمر أنف قَالَ فَإِذا لقيتهم فَأخْبرهُم أَنِّي مِنْهُم بَرِيء وَأَنَّهُمْ برَاء مني ثمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن لأَحَدهم مثل أحد ذَهَبا فأنفقه فِي سَبِيل الله مَا قبل حَتَّى يُؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره ثمَّ ذكر حَدِيث جِبْرِيل وسؤاله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا الْإِيمَان قَالَ أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره قَوْله أَن تؤمن بِاللَّه الْإِيمَان بِاللَّه هُوَ التَّصْدِيق بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَوْجُود مَوْصُوف بِصِفَات الْجلَال والكمال منزه عَن صِفَات النَّقْص وَأَنه فَرد صَمد خَالق جَمِيع الْمَخْلُوقَات متصرف فِيهَا بِمَا يَشَاء يفعل فِي ملكه مَا يُرِيد وَالْإِيمَان بِالْمَلَائِكَةِ هُوَ التَّصْدِيق بعبوديتهم لله بل عباد مكرمون لَا يسبقونه بالْقَوْل وهم بِأَمْر يعْملُونَ يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى وهم من خَشيته مشفقون وَالْإِيمَان بالرسل هُوَ التَّصْدِيق بِأَنَّهُم صَادِقُونَ فِيمَا أخبروا بِهِ عَن الله تَعَالَى أَيّدهُم الله بالمعجزات الدَّالَّة على صدقهم وَأَنَّهُمْ بلغُوا عَن الله تَعَالَى رسالاته وبينوا للمكلفين مَا أَمرهم الله بِهِ وَأَنه يجب إحترامهم وَأَن لَا يفرق بَين أحد مِنْهُم وَالْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر هُوَ التَّصْدِيق بِيَوْم الْقِيَامَة وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْإِعَادَة بعد الْمَوْت والنشر والحشر والحساب وَالْمِيزَان والصراط وَالْجنَّة وَالنَّار وأنهما دَار ثَوَابه وعقابه للمحسنين والمسيئين إِلَى غير ذَلِك مِمَّا صَحَّ بِهِ النَّقْل وَالْإِيمَان بِالْقدرِ هُوَ التَّصْدِيق بِمَا تقدم ذكره وَحَاصِله مَا دل عَلَيْهِ قَوْله سُبْحَانَهُ {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} وَقَوله {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَمن ذَلِك قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس وَاعْلَم أَن الْأمة لَو اجْتَمعُوا على أَن ينفعوك إِلَّا بِشَيْء قد كتبه الله لَك وَلَو اجْتَمعُوا على أَن يضروك بِشَيْء لم يضروك إِلَّا بِشَيْء قد كتبه الله عَلَيْك رفعت الأقلام وجفت الصُّحُف وَمذهب السلف وأئمة الْخلف أَن من صدق بِهَذِهِ الْأُمُور تَصْدِيقًا جَازِمًا لَا ريب فِيهِ وَلَا تردد كَانَ مُؤمنا حَقًا سَوَاء كَانَ ذَلِك عَن براهين قَاطِعَة أَو اعتقادات جازمة وَالله أعلم 

كتاب الكبائر، ص:153 إلى 156 .

Loading...