[لبس المرقعات ادعاء للزهد]

[لبس المرقعات ادعاء للزهد]

اللفظ / العبارة' [لبس المرقعات ادعاء للزهد]
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي بدعة
القسم المناهي العملية
Content

[لبس المرقعات ادعاء للزهد]

وتراه أيضاً لما سمع أن النبي (كان يرقع ثوبه، وأنه قال لعائشة: " لا تستخلفي ثوباً حتى ترقعيه " وأن عمر رضي الله عنه كان في ثوبه رقاع، وأن أويس القرني كان يلتقط الرقاع من المزابل، ثم يغسلها، ويرقعها ويلبسها. فاختار المرقعات فلبسها لذلك، وقد أبعد، فإن رسول الله (وأصحابه كانوا يؤثرون، البذاذة ويعرضون عن زينة الدنيا، وكان أكثرهم يفعل ذلك بسبب الفقر كما روي عن مسيلمة بن عبد الملك أنه دخل على عمر بن عبد العزيز وعليه قميص وسخ، فقال: لامرأته فاطمة: اغسلي قميص أمير المؤمنين، فقالت: والله ماله قميص غيره.

فأما إذا لم يكن هذا معرضاً عن الدنيا، ولا زاهداً فيها، ولا يختار البذاذة تواضعاً لله، بل يفعل ذلك تصنعاً ومراءاة، كان كاذباً.

ومنهم من يعمد إلى ثوبين أو ثلاثة، كل واحد منها على لون، فيجعلونها خرقاً، ويلونونها، حتى يصير بصورة الرقاع كما سلف. كذا ظنوا أتراهم ما علموا أن التصوف معنى لا صورة؟ قال: وهؤلاء يقصدون التحسن بالمرقعات. وأما المعنى فإن أولئك كانوا أصحاب رياضة وزهد. ومنهم من يلبس الصوف تحت الثياب، ويلوح بكمه حتى يرى لباسه. وهذا لص ليلي. ومنهم من يلبس الصوف فوقها. وهذا لص نهاري مكشوف. ومنهم من يلبس الفوط الرقيقة وإن قميص أحدهم وعمامته بثمن خمس أثواب من الحرير، يصادقون الأمراء ويفارقون الفقراء كبراً وتعظيماً. وهذا قبيح جداً. وهذا الضرب مذموم فاحذروهم.

[التحذير من هؤلاء الأدعياء]

وقد كان عيسى بن مريم عليه السلام يقول: يا بني إسرائيل ما لكم تأتوني وعليكم ثياب الرهبان وقلوبكم قلوب الذئاب الضواري؟! البسوا ثياب الملوك وألينوا قلوبكم بالخشية.

قال أخرم: سمعت مالك بن دينار يقول: " إنكم في زمان أشهب لا يبصر زمانكم إلا البصير، إنكم في أهل زمان كثر تفاحشهم، وانفتحت ألسنتهم في أفواههم، فطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فاحذروهم على أنفسكم لا يوقعوكم في شبهاتهم وشبكاتهم ".

وقال محمد بن حفيف: قلت لرويم: أوصني، قال: هو بذل الروح، ألا فلا تشتغل بترهات الصوفية.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبي يقول: بلغني أن رجلاً قال للشبلي: قد وجدت جماعة من أصحابك وهم في الجامع، فمضى فرآهم عليهم المرقعات والفوط، فأنشأ يقول: وهذه البهرجة لا تخفى إلا على غبي في الغابة.

[كراهة لبس المرقعات]

ويكره لبس الفوطة والمرقعات من خمسة أوجه، أحدهما أنه ليس من لباس السلف وإنما كانوا يرقعون للضرورة.

والثاني: أنه يتضمن ادعاء الفقر، وقد أمر الإنسان أن يظهر نعمة الله عليه.

والثالث: أنه إظهار الزهد، وقد أمرنا بالستر.

والرابع: أنه تشبه بهؤلاء المتزحزحين عن الشريعة، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

والخامس: أنه ثوب شهرة، وفيه تفويت لفضيلة لباس البيض التي أمر بها الشارع.

كتاب حقيقة السنة والبدعة، للسيوطي،ص:176.

Loading...