النمام

النمام

اللفظ / العبارة' النمام
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

الْكَبِيرَة الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ النمام

وَهُوَ من ينْقل الحَدِيث بَين النَّاس على جِهَة الْإِفْسَاد بَينهم هَذَا بَيَانهَا وَأما أَحْكَامهَا فَهِيَ حرَام بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَقد تظاهرت على تَحْرِيمهَا الدَّلَائِل الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة نمام وَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بقبرين قَالَ إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير أما أَنه كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يستبرئ من بَوْله وَأما الآخر فَكَانَ يمشي بالنميمة ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبة فَشَقهَا إثنتين وغرز فِي كل قبر وَاحِدَة وَقَالَ لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا وَقَوله وَمَا يعذبان فِي كَبِير أَي لَيْسَ بكبير تَركه عَلَيْهِمَا أَو لَيْسَ بكبير فِي زعمهما وَلِهَذَا قَالَ فِي رِوَايَة أُخْرَى بلَى إِنَّه كَبِير وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَجِدُونَ شَرّ النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه وَمن كَانَ ذَا لسانين فِي الدُّنْيَا فَإِن الله يَجْعَل لَهُ لسانين من نَار يَوْم الْقِيَامَة وَمعنى من كَانَ ذَا لسانين أَي يتَكَلَّم مَعَ هَؤُلَاءِ بِكَلَام وَهَؤُلَاء بِكَلَام وَهُوَ بِمَعْنى صَاحب الْوَجْهَيْنِ قَالَ الإِمَام أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ رَحمَه الله إِنَّمَا تطلق فِي الْغَالِب على من ينم قَول الْغَيْر إِلَى الْمَقُول فِيهِ بقوله فلَان يَقُول فِيك كَذَا وَلَيْسَت النميمة مَخْصُوصَة بذلك بل حَدهَا كشف مَا يكره كشفه سَوَاء كره الْمَنْقُول عَنهُ أَو الْمَنْقُول إِلَيْهِ أَو ثَالِث وَسَوَاء أَكَانَ الْكَشْف بالْقَوْل أَو الْكِتَابَة أَو الرَّمْز أَو الْإِيمَاء أَو نَحْوهَا وَسَوَاء كَانَ من الْأَقْوَال أَو الْأَعْمَال وَسَوَاء كَانَ عَيْبا أَو غَيره فحقيقة النميمة إفشاء السِّرّ وهتك السّتْر عَمَّا يكره كشفه وَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يسكت عَن كل مَا رَآهُ من أَحْوَال النَّاس إِلَّا مَا فِي حكايته فَائِدَة للْمُسلمين أَو دفع مَعْصِيّة قَالَ وكل من حملت إِلَيْهِ نميمة وَقيل لَهُ قَالَ فِيك فلَان كَذَا وَكَذَا لزمَه سِتَّة أَحْوَال (الأول) أَن لَا يصدقهُ لِأَنَّهُ نمام فَاسق وَهُوَ مَرْدُود الْخَبَر (الثَّانِي) أَن ينهاه عَن ذَلِك وينصحه ويقبح فعله (الثَّالِث) أَن يبغضه فِي الله عز وَجل فَإِنَّهُ بغيض عِنْد الله والبغض فِي الله وَاجِب (الرَّابِع) أَن لَا يظن فِي الْمَنْقُول عَنهُ السوء لقَوْله تَعَالَى {إجتنبوا كثيراً من الظَّن إِن بعض الظَّن إِثْم} الْخَامِس أَن لَا يحملهُ مَا حُكيَ لَهُ على التَّجَسُّس والبحث عَن تحقق ذَلِك قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَلَا تجسسوا} السَّادِس أَن لَا يرضى لنَفسِهِ مَا نهى النمام عَنهُ فَلَا يَحْكِي نميمته وَقد جَاءَ أَن رجلاً ذكر لعمر بن عبد الْعَزِيز رجلاً بِشَيْء فَقَالَ عمر يَا هَذَا إِن شِئْت نَظرنَا فِي أَمرك فَإِن كنت صَادِقا فَأَنت من أهل هَذِه الْآيَة إِن جَاءَكُم فَاسق بنبأ فَتَبَيَّنُوا وَإِن كنت كَاذِبًا فَأَنت من أهل هَذِه الْآيَة هماز مشاء بنميم وَإِن شِئْت عَفَوْنَا عَنْك فَقَالَ الْعَفو يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أَعُود إِلَيْهِ أبداً وَرفع إِنْسَان رقْعَة إِلَى الصاحب بن عباد رَحمَه الله يحثه فِيهَا على أَخذ مَال الْيَتِيم وَكَانَ لَهُ مَال كثير فَكتب على ظهر الرقعة النميمة قبيحة وَإِن كَانَت صَحِيحَة وَالْمَيِّت رَحمَه الله واليتيم جبره الله وَالْمَال ثمره الله والساعي لَعنه الله وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ من نقل إِلَيْك حَدِيثا فَاعْلَم أَنه ينْقل إِلَى غَيْرك حَدِيثك وَهَذَا مثل قَول النَّاس من نقل إِلَيْك نقل عَنْك فاحذره وَقَالَ ابْن الْمُبَارك ولد الزِّنَا لَا يكتم الحَدِيث أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن كل من لَا يكتم الحَدِيث وَمَشى بالنميمة دل على أَنه ولد الزِّنَا إستنباطاً من قَول الله تَعَالَى {عتل بعد ذَلِك زنيم} والزنيم هُوَ الدعي وَرُوِيَ أَن بعض السلف الصَّالِحين زار أَخا لَهُ وَذكر لَهُ عَن بعض إخوانه شَيْئا يكرههُ فَقَالَ لَهُ يَا أخي أطلت الْغَيْبَة وأتيتني بِثَلَاث جنايات بغضت إِلَيّ أخي وشغلت قلبِي بِسَبَبِهِ واتهمت نَفسك الأمينة وَكَانَ بَعضهم يَقُول من أخْبرك بشتم عَن أَخِيك فَهُوَ الشاتم لَك وَجَاء رجل إِلَى عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ إِن فلَانا شتمك وَقَالَ عَنْك كَذَا وَكَذَا فَقَالَ اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ فَذهب مَعَه وَهُوَ يرى أَنه ينتصر لنَفسِهِ فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ قَالَ يَا أخي إِن كَانَ مَا قلت فِي حَقًا فغفر الله لي وَإِن كَانَ مَا قلت فِي بَاطِلا فغفر الله لَك وَقيل فِي قَول الله تَعَالَى {حمالَة الْحَطب} يَعْنِي امْرَأَة أبي لَهب إِنَّهَا كَانَت تنقل الحَدِيث بالنميمة سمى النميمة حطباً لِأَنَّهَا سَبَب الْعَدَاوَة كَمَا أَن الْحَطب سَبَب لاشتعال النَّار وَيُقَال عمل النمام أضر من عمل الشَّيْطَان لِأَن عمل الشَّيْطَان بالوسوسة وَعمل النمام بالمواجهة

كتاب الكبائر ، ص:160 إلى 162 .

Loading...