فأما عبد الله بن المبارك؛ فقال:" الأصاغر: هم أهل البدع ".
قال أبو بكر بن ثابت الخطيب الحافظ:" إنما أراد به صغير السن، وفي هذا ندب إلى التعليم في الصغر؛ مثل قول عمر أيضا: تفقهوا قبل أن تُسَوَّدوا؛ أي: إن لم تتعلموا تسودوا؛ استحييتم من التعليم، فأخذتم العلم عن صغاركم ".
وأما أستاذنا القاضي أبو الوليد؛ فقال:" يحتمل أن يكون معنى الأصاغر: من لا علم عنده، وقد كان عمر بن الخطاب يستشير الصغار، وقد كان القراء أصحاب مشورته؛ كهولا كانوا أو شبابا، ويحتمل أن يريد بالأصاغر من لا قدر له ولا حال، ولا يكون ذلك إلا بنبذ الدين والمروءة، فأما من التزمهما؛ فلا بد أن يسمو أمره ويعظم قدره ".
وقد روي عن مكحول أن قال:" تفقه الرعاع فساد الدنيا، وتفقه السِّفْلَةِ فساد الدين ".
وقال الفريابي: " كان سفيان الثوري إذا رأى هؤلاء النبط يكتبون العلم؛ تغير وجهه! فقلت له:يا أبا عبد الله! أراك إذا رأيت هؤلاء يكتبون العلم يشتد عليك؟ ! فقال:كان العلم في العرب وفي سادة الناس، فإذا خرج عنهم وصار إلى هؤلاء - يعني:النبط والسفلة -؛ غير الدين".
وقال سفيان: " كانوا يتعوذون بالله من شر فتنة العالم، ومن شر فتنة العابد الجاهل؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ".
وقال وهب بن منبه: " جمع المال وغشيان السلطان لا يبقيان من حسنات المرء إلا كما يبقي ذئبان جائعان سقطا في حظار فيه غنم، فباتا يجوسان حتى أصبحا ".
وقال سفيان الثوري: " كان خيار الناس وأشرافهم الذين يقومون إلى هؤلاء الأمراء فيأمرونهم وينهونهم، وكان آخرون يلزمون بيوتهم، فكان لا ينتفع بهم ولا يذكرون، ثم بقينا حتى صار الذين يأتونهم فيأمرونهم شرار الناس، والذين لزموا بيوتهم خيار الناس ".
وقال محمد بن سحنون: " كان لبعض أهل العلم أخ يأتي القاضي والوالي بالليل، ويسلم عليهما، فبلغه ذلك، فكتب إليه: أما بعد؛ فإن الذي يراك بالنهار يراك بالليل، وهذا آخر كتاب أكتبه إليك".
قال محمد: " فعرضته على سحنون، فأعجبه، وقال: ما أسمجه بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه، فلا يوجد فيه، فيقال: إنه عند الأمير ".
وقال سحنون: " إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيام متواليات من غير حاجة؛ فينبغي ألا تقبل شهادته ".