ما جاء في الاستسقاء بالأنواء (النوع الثاني)

ما جاء في الاستسقاء بالأنواء (النوع الثاني)

اللفظ / العبارة' ما جاء في الاستسقاء بالأنواء (النوع الثاني)
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي شرك أصغر
القسم المناهي العملية
Content

وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" ١.

ولهما من حديث ابن عباس بمعناه، وفيه:

"قال بعضهم لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآيات {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أََفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ َتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} ٢".

كتاب التوحيد لابن عبد الوهاب ، ص:86

القسم الثاني: شرك أصغر، وهو أن يجعل هذه الأنواء سببا، مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل; لأن كل من جعل سببا لم يجعله الله سببا، لا بوحيه ولا بقدره; فهو مشرك شركا أصغر.
قوله تعالى: "وتجعلون": أي: تصيرون، وهي تنصب مفعولين: الأول: (رزق) ، والثاني: (أن) ، وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول ثان، والتقدير: وتجعلون رزقكم كونكم تكذبون أو تكذيبكم.
والمعنى: تكذبون أنه من عند الله، حيث تضيفون حصوله إلى غيره.
قوله: "رزقكم": الرزق هو العطاء، والمراد به هنا: ما هو أعم من المطر; فيشمل معنيين:
الأول: أن المراد به رزق العلم; لأن الله قال: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ، وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} ، [الواقعة:٧٥-٨٢] ، أي: تخافونهم فتداهنونهم، وتجعلون شكر ما رزقكم الله به من العلم والوحي أنكم تكذبون به، وهذا هو ظاهر سياق الآية.

القول المفيد على كتاب التوحيد، ج:2 ص:19


الثاني: أن المراد بالرزق المطر، وقد روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ضعيف١ إلا أنه صح عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: أن المراد بالرزق المطر، وأن التكذيب به نسبته إلى الأنواء٢، وعليه يكون ما ساق المؤلف الآية من أجله مناسبا للباب تماما.
والقاعدة في التفسير: أن الآية إذا كانت تحتمل المعنيين جميعا بدون منافاة تحمل عليهما جميعا، وإن حصل بينهما منافاة طلب المرجح.
ومعنى الآية: أن الله يوبخ هؤلاء الذين يجعلون شكر الرزق التكذيب والاستكبار والبعد لأن شكر الرزق يكون بالتصديق والقبول والعمل بطاعة المنعم، والفطرة كذلك لا تقبل أن تكفر بمن ينعم عليها; فالفطرة والعقل والشرع كل منها يوجب أن تشكر من ينعم عليك، سواء قلنا: المراد بالرزق المطر الذي به حياة الأرض، أو قلنا: إن المراد به القرآن الذي به حياة القلوب; فإن هذا من أعظم الرزق; فكيف يليق بالإنسان أن يقابل هذه النعمة بالتكذيب؟!
واعلم أن التكذيب نوعان:
أحدهما: التكذيب بلسان المقال، بأن يقول: هذا كذب، أو المطر من النوء، ونحو ذلك.

القول المفيد على كتاب التوحيد، ج:2 ص:20

Loading...