قول الله تعالى: {ومن الناس من يتحذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله}] .

قول الله تعالى: {ومن الناس من يتحذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله}] .

اللفظ / العبارة' قول الله تعالى: {ومن الناس من يتحذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله}] .
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي شرك أكبر
القسم المناهي العملية
Content

باب (٣٠) قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} ١.

وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ٢.

عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" ٣ أخرجاه.

ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" ٤. وفي رواية: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى ... " ٥ إلى آخره.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك.


١ سورة البقرة آية: ١٦٥.
٢ سورة التوبة آية: ٢٤.
٣ البخاري: الإيمان (١٥) , ومسلم: الإيمان (٤٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠١٣ ,٥٠١٤) , وابن ماجه: المقدمة (٦٧) , وأحمد (٣/١٧٧ ,٣/٢٠٧ ,٣/٢٧٥ ,٣/٢٧٨) , والدارمي: الرقاق (٢٧٤١) .
٤ البخاري: الإيمان (١٦) , ومسلم: الإيمان (٤٣) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٨٧ ,٤٩٨٨ ,٤٩٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٤٠٣٣) , وأحمد (٣/١٠٣ ,٣/١٧٢ ,٣/١٧٤ ,٣/٢٣٠ ,٣/٢٤٨ ,٣/٢٨٨) .باب (٣٠) قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} ١.


وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ٢.


عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" ٣ أخرجاه.


ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" ٤. وفي رواية: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى ... " ٥ إلى آخره.


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك.


١ سورة البقرة آية: ١٦٥.

٢ سورة التوبة آية: ٢٤.

٣ البخاري: الإيمان (١٥) , ومسلم: الإيمان (٤٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠١٣ ,٥٠١٤) , وابن ماجه: المقدمة (٦٧) , وأحمد (٣/١٧٧ ,٣/٢٠٧ ,٣/٢٧٥ ,٣/٢٧٨) , والدارمي: الرقاق (٢٧٤١) .

٤ البخاري: الإيمان (١٦) , ومسلم: الإيمان (٤٣) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٨٧ ,٤٩٨٨ ,٤٩٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٤٠٣٣) , وأحمد (٣/١٠٣ ,٣/١٧٢ ,٣/١٧٤ ,٣/٢٣٠ ,٣/٢٤٨ ,٣/٢٨٨) .

٥ البخاري: الأدب (٦٠٤١) .

٥ البخاري: الأدب (٦٠٤١) .

ولن يجد عبد طعم الإيمان، وإن كثرت صلاته وصومه، حتى يكون كذلك؛ وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا" رواه ابن جرير. وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ١ قال: "المودة".

فيه مسائل:

الأولي: تفسير آية البقرة.

الثانية: تفسير آية براءة.

الثالثة: وجوب محبته صلى الله عليه وسلم ٢ على النفس والأهل والمال.

الرابعة: نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.

الخامسة: أن للإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لا يجدها.

السادسة: أعمال القلب الأربع التي لا تنال ولاية الله إلا بها، ولا يجد أحد طعم الإيمان إلا بها.

السابعة: فهم الصحابي للواقع: أن عامة المؤاخاة على أمر الدنيا.

الثامنة: تفسير {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ٣.


١ سورة البقرة آية: ١٦٦.
٢ في المخطوطة: "وتقديمها على النفس والأهل والمال".
٣ سورة البقرة آية: ١٦٦.

التاسعة: أن من المشركين من يحب الله حبا شديدا.

العاشرة: الوعيد على من كان الثمانية أحب إليه منه دينه.

الحادية عشرة: أن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر.

كتاب التوحيد لابن عبد الوهاب ، ص:88 إلى 90


قوله: باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً} ، جعل المؤلف رحمه الله تعالى الآية هي الترجمة، ويمكن أن يعنى بهذه الترجمة باب المحبة.
وأصل الأعمال كلها هو المحبة فالإنسان لا يعمل إلا لما يحب; إما لجلب منفعة، أو لدفع مضرة، فإذا عمل شيئا; فلأنه يحبه إما لذاته كالطعام، أو لغيره كالدواء.
وعبادة الله مبنية على المحبة، بل هي حقيقة العبادة; إذ لو تعبدت بدون محبة صارت عبادتك قشرا لا روح فيها، فإذا كان الإنسان في قلبه محبة لله وللوصول إلى جنته; فسوف يسلك الطريق الموصل إلى ذلك.
ولهذا لما أحب المشركون آلهتهم؛ توصلت بهم هذه المحبة إلى أن عبدوها من دون الله، أو مع الله.
والمحبة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: محبة عبادة، وهي التي توجب التذلل والتعظيم، وأن يقوم بقلب الإنسان من إجلال المحبوب وتعظيمه؛ ما يقتضي أن يمتثل أمره، ويجتنب نهيه، وهذه خاصة بالله، فمن أحب مع الله غيره محبة عبادة; فهو مشرك شركا أكبر، ويعبر العلماء عنها بالمحبة الخاصة.
القسم الثاني: محبة ليست بعبادة في ذاتها، وهذه أنواع: النوع الأول: المحبة لله وفي الله، وذلك بأن يكون الجالب لها محبة الله، أي: كون الشيء محبوبا لله تعالى من أشخاص; كالأنبياء، والرسل، والصديقين، والشهداء، والصالحين. أو أعمال; كالصلاة، والزكاة، وأعمال الخير، أو غير ذلك. وهذا النوع تابع للقسم الأول الذي هو محبة الله.

النوع الثاني: محبة إشفاق ورحمة، وذلك كمحبة الولد، والصغار، والضعفاء، والمرضى.
النوع الثالث: محبة إجلال وتعظيم لا عبادة; كمحبة الإنسان لوالده، ولمعلمه، ولكبير من أهل الخير.
النوع الرابع: محبة طبيعية; كمحبة الطعام، والشراب، والملبس، والمركب، والمسكن.
وأشرف هذه الأنواع النوع الأول، والبقية من قسم المباح; إلا إذا اقترن بها ما يقتضي التعبد صارت عبادة; فالإنسان يحب والده محبة إجلال وتعظيم، وإذا اقترن بها أن يتعبد لله بهذا الحب؛ من أجل أن يقوم ببر والده، صارت عبادة، وكذلك يحب ولده محبة شفقة، وإذا اقترن بها ما يقتضي أن يقوم بأمر الله بإصلاح هذا الولد؛ صارت عبادة.
وكذلك المحبة الطبيعية; كالأكل والشرب، والملبس والمسكن؛ إذا قصد بها الاستعانة على عبادة صارت عبادة، ولهذا (حبب للنبي النساء والطيب (١) ، من هذه الدنيا; فحبب إليه النساء; لأن ذلك مقتضى الطبيعة.

ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة، وحبب إليه الطيب; لأنه ينشط النفس ويريحها ويشرح الصدر، ولأن الطيبات للطيبين، والله طيب لا يقبل إلا طيبا.
فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة؛ صارت عبادة، قال النبي (: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (١) .
وقال العلماء: إن ما لا يتم الواجب إلا به; فهو واجب، وقالوا: الوسائل لها أحكام المقاصد، وهذا أمر متفق عليه.
وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب آيتين:
الأولى: التي ترجم بها، وهي قوله: "ومن الناس": "من" تبعيضية، هي ومجرورها خبر مقدم، و "من يتخذ" مبتدأ مؤخر.
قوله: "أندادا": جمع ند، وهو الشبيه والنظير.
قوله: " يحبونهم كحب الله ": أي: في كيفيته ونوعه; فالنوع أن يحب غير الله محبة عبادة. والكيفية: أن يحبه كمحبة الله أو أشد، حتى إن بعضهم يعظم محبوبه، ويغار له أكثر مما يعظم الله ويغار له، فلو قيل: احلف بالله; لحلف، وهو كاذب ولم يبال، ولو قيل: احلف بالند; لم يحلف، وهو كاذب، وهذا شرك أكبر.
وقوله: " كحب الله ": للمفسرين فيها قولان:

الأول: أنها على ظاهرها، وأنها مضافة إلى مفعولها; أي: يحبونهم كحبهم الله، والمعنى يحبون هذه الأنداد كمحبة الله، فيجعلونها شركاء لله في المحبة، لكن الذين آمنوا أشد حبا لله من هؤلاء لله، وهذا هو الصواب.
الثانية: أن المعنى كحب الله الصادر من المؤمنين: أي: كحب المؤمنين لله; فيحبون هذه الأنداد كما يحب المؤمنون الله (وهذا وإن احتمله اللفظ، لكن السياق يأباه; لأنه لو كان المعنى ذلك; لكان مناقضا لقوله تعالى فيما بعد: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} ، [البقرة: من الآية١٦٥] ، وكانت محبة المؤمنين لله أشد; لأنها محبة خالصة ليس فيها شرك; فمحبة المؤمنين أشد من حب هؤلاء لله.

كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد ،ج:2 ص: 44 إلى 47 .

Loading...