اعتقاد التجاني أن القرن الثاني عشر للهجرة يشبه القرن الأول الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم .لوجوده فيه.
اللفظ / العبارة'
اعتقاد التجاني أن القرن الثاني عشر للهجرة يشبه القرن الأول الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم .لوجوده فيه.
متعلق اللفظ
مسائل عقدية.
الحكم الشرعي
باطل لا أصل له
القسم
المناهي العملية
Content
اعتقاد أن القرن الثاني عشر للهجرة يشبه القرن الأول الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال إن القرن الذي فيه القطب المكتوم والبرزخ المحتوم والختم المحمدي المعلوم شيخنا أحمد بن محمد التجاني وذلك القرن هو القرن الثاني عشر من الهجرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام يشاكل قرنه صلى الله عليه وسلم من وجوه:
الأول: أن فيه خاتم الأولياء كما في قرنه خاتم الأنبياء.
الثاني: أن أتباع هذا الولي المجدد الخاتم يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله وحده ويجاهدون الأمم الضالة كما يجاهدون النفس والهوى والشيطان الجهاد الأكبر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر قالوا وما الجهاد الأكبر قال جهاد النفس والهوى.
الثالث: الإشارة إلى أن هذا القرن أفضل من جميع ما تقدم من القرون السالفة سوى القرون الثلاثة الوارد النص بأفضليتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خير القرون قرني ثم الذين يلونهم) الحديث. ثم فسر ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله (خير هذه الأمة أولها وآخرها) ج ٢ ص ٢٠، قال محمد تقي الدين الهلالي في هذا الكلام نظر من وجوه:
أولها لم يظهر لنا ولا نظن أنه يظهر لغيرنا أن القرن الثاني عشر الهجري يشبه القرن الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه، إلا أنْ يقال أنّ بداية الدعوة المحمدية كان الإسلام فيها غريبا، وكان أهله ضعفاء قليلا عددهم، إلا أنهم في زيادة مستمرة وكان الإسلام يزداد قوة يوما بعد يوم حتى بلغ القمة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأما القرن الثاني عشر فقد كان الإسلام فيه غريبا، وكان أهله ضعفاء وإن كان عددهم كثيرا وكانوا يزدادون ضعفا يوما بعد يوم ويمتاز القرن الثاني عشر بأن المنتسبين فيه إلى الإسلام كان أكثرهم لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه وكان الشرك والبدع في غاية الظهور والانتشار، وكذلك الفجور والفسوق والمعاصي شائعة بدون تغيير، وأعداء الإسلام يزدادون قوة واستيلاء على بلاد المسلمين وبالخصوص في المغرب، الذي كان فيه الشيخ التجاني فقد بلغت فيه الدولة المغربية أسفل سافلي، تكالب أعداء الإسلام من الخارج والفتن والثورات في الداخل فما أقل الشبه، بين زمان النور وزمان الظلام، وكان المغرب قد بدأ في الضعف والانحطاط من القرن الثامن الهجري حين بدأت الطرائق يكثر انتشارها، ويستولي شيوخها الجهال على عقول العامة، وقد كان المغرب قبل ذلك قاهرا لأعدائه، يغزوهم في عقر دارهم، وراياته منصورة، وأيامه في أعدائه مشهورة، فكان مستوليا على أكثر البلاد الإسبانية، فما زال يفقد أقاليمها واحدا بعد واحد. حتى بلغ في القرن الثاني عشر إلى هوة سحيقة، فأخذ يفقد ثغوره ويستولي عليها أعداؤه، أما الفتن الداخلية وكثرة القتل والنهب وسبي الذرية والنساء وإحراق القرى في أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر وهو الوقت الذي استقر فيه الشيخ أحمد التجاني في فاس وبنى زاويته، وانتشرت طريقته، فإنه دخل فاسا بنية الاستيطان والاستقرار، سنة ألف ومائتين وثلاث عشرة(١٢١٣ هـ)كما في جواهر
المعاني الجزء الأول صفحة ٣٧، والمدة التي أقامها الشيخ التجاني في فاس هي من ألف ومائتين وثلاث عشرة (١٢١٣) إلى ألف ومائتين وثلاثين (١٢٣٠ هـ) إذ فيها توفي ودفن في وسط زاويته، وإذا أردت أن تعرف مقدار الشقاء الديني والدنيوي الذي كان مخيما على المغرب الأقصى وسائر المغارب، فاقرأ كتب التاريخ ومن أيسرها أسهلها كتاب "الاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى" للناصري، ولولا كراهية الإطناب وضيق الوقت لنقلت هنا ما تقشعر منه الجلود، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك قله، فلذلك أنقل لك من الكتاب المذكور، شيئا قليلا، على لسان ملك المغرب في ذلك الزمان، السلطان أبى الربيع سليمان بن محمد العلوي، رحمه الله، وكان من أحسن ملوك الدولة المغربية دينا وعقلا وحكمة وحسن سياسة، ولكن اتسع الخرق، قال صاحب الاستقصاء في الجزء الثامن صفحة ١٦٤:
كان أمير المؤمنين المولى سليمان رحمه الله في هذه المدة قد سئم الحياة ومل العيش وأراد أن يترك أمر الناس لابن أخيه المولى عبد الرحمن بن هشام ويتخلى هو لعبادة ربه إلى أن يأتيه اليقين، قال ذلك غير مرة، وتعددت فيه رسائله ومكاتيبه فمما كتب في ذلك هذه الوصية التي يقول فيها:
الحمد لله، لما رأيت ما وقع من الإلحاد في الدين واستيلاء الفسقة والجهلة على أمر المسلمين وقال عمر: إن تابعناهم تابعناهُم على ما لا نرضى وإلا وقع الخلاف، وأولئك عدول، وهؤلاء فساق، وقال عمر: فبايعنا أبا بكر فكان والله خير، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق أبي بكر: يأبى الله ويدفع المسلمون، ورشحه بتقديمه للصلاة إذ هي عماد الدين.
وقال أبو بكر للمسلمين: بايعوا عمر وأخذ له البيعة في حياته، فلزمت وصحت بعد موته وقال عمر هؤلاء الستة أفضل المسلمين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نِعم العبد صهيب، وقال أبو عبيدة أمين هذه الأمة، وقال ما أضلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، وقال في أبي بكر وعمر أكثر من هذا فصار المدح للتعريف واجبا ولإظهار حال الرجل لينتفع به، فأقول جعله الله خالصا لوجهه الكريم ما أظن في أولاد مولانا الجد عبد الله، ولا في أولاد سيدي محمد والدي رحمه الله، ولا أولاد أولاده أفضل من مولاي عبد الرحمن بن هشام ولا أصلح لهذا الأمر منه لأنه إن شاء الله حفظه الله لا يشرب الخمر ولا يزني ولا يكذب ولا يخون ولا يقدم على الدماء والأموال بلا موجب ولو ملك مُلك المشرقين لأنها عبادة صهيبية ويصوم الفرض والنفل، ويصلي الفرد والنفل.
وإنما أتيت به من (الصويرة) ليراه الناس ويعرفوه وأخرجته من (تافيلالت) لأُظهره لهم، لأن الدين النصيحة، فإن اتبعه أهل الحق صلح أمرهم كما صلح سيدي محمد جده وأبوه حي، ولا يحتاجون إليَّ أبدا، ويغبطه أهل المغرب ويتبعونه إن شاء الله اهـ بلفظه.
ومنه تعلم أن القرن الثاني عشر الهجري، كان من شر القرون.
فالعجب من صاحب الرماح كيف يشبهه بقرن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث الصحيح (كل يوم ترذلون) وفيه (لا يأتي يوم إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم. أما دعوى ختم الأولياء فقد تقدم بطلانها فالأولياء بالمعنى الذي أراد صاحب الرماح لا وجود لهم في الحقيقة، وإذا لم يوجدوا فلا خاتم لهم.
أما الأولياء المؤمنون المتقون فليس لهم خاتم.
أما حديث (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) وحديث (خير أمتي أولها وآخرها) فلا يصح منهما شيء، وسيأتي تحقيق الكلام عليهما في الفصل الذي نعقده لتخريج الأحاديث التي ذكرها صاحب الرماح في ما ننقله عنه إن شاء الله تعالى.
[استدراك]
فاتني الكلام على مسألة رتبها صاحب الرماح على حديث لا يصح وذلك قوله فيما نقله عن ابن عربي الحاتمي (فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ النبوة إلا من مشكاة خاتم النبيين وإن تأخر وجود طينته فإنه بحقيقته موجود وهو قوله كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) . ص ١١ ج ٢
أي لم يكمل بدنه العنصري بعد فكيف من دونه من أنبياء أولاده، وبيان ذلك أن الله تعالى لما خلق النور المحمدي كما أشار صلى الله عليه وسلم بقوله:(أول ما خلق الله تعالى نوري) جمع في هذا النور المحمدي جميع أرواح (الأنبياء والأولياء، جمعا أحديا قبل التفضيل في الوجود العيني وذلك في مرتبة العقل الأول إلى آخر ما قال مما تقدم ص ١١ ج ٢.
قال محمد تقي الدين الهلالي هذه الأسطورة التي اخترعها ابن العربي الحاتمي، واستغلها صاحب الرماح وأهل طريقته مبنية على حديثين لو كانا صحيحين لم تكن فيهما دلالة على ما زعم، لإن النبوة فضل من الله تعالى يؤتيها من يشاء من عباده وليست بيد مخلوق فلا تتوقف نبوة نبي على نبي آخر، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم لا يعرف جميع الأنبياء ولا جميع الرسل، قال الله تعالى في سورة المؤمنون آية ٧٨:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} والأحاديث الواردة في عدد الأنبياء والرسل حكم على المشهور منها ابن الجوزي بالوضع، وقد رويت من طرق ضعيفة ومتونها مضطربة ففي بعضها أن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا منهم ثلاثمائة وخمسة عشرة رسولا وفي بعض الروايات ثلاثة بدل خمسة عشر وفي بعضها بعث الله ثمانية ألف نبي، أربعة آلف إلى بني إسرائيل، وأربعة آلف إلى سائر الناس وفي بعضها أن عددهم ألف نبي، وفي بعضها ألف ألف نبي، وقد ذكر هذه الروايات وغيرها الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى من سورة النساء آية ١٦٤:{وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} وإذا لم بثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف جميع الأنبياء فكيف يكون واسطة في نبوتهم ولا يعرفهم، أما زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نبيا وآدم بين الماء والطين، فقد قال السخاوي في المقاصد الحسنة، وما اشتهر على الألسنة بلفظ (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) لم أقف عليه اهـ وقد جاءت أحاديث بمعناه، منها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد) رواه الترمذي والحاكم وصححاه من حديث أبي هريرة، ومعناه أنه كان مكتوبا عند الله نبيا وهذا التفسير هو من تفسير الحديث بالحديث فقد روى
ابن حبان والحاكم في صحيحيهما عن العرباض بن سارية مرفوعا (إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمجندل في طينته) ويزيدك وضوحا قوله تعالى في آخر سورة الشورى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} وفي تفسير الجلالين ما نصه، معلق للفعل عن العمل، أو ما بعد سد مسد المفعولين، وقال الإمام بن جرير الطبري أفضل المفسرين بعد الصحابة في تفسير هذه الآية ما نصه:
وقوله:{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما كنت تدري يا محمد، أي شيء الكتاب ولا الإيمان، اللذين أعطيناكهما، ولكن جعلناه نورا، هذا القرآن وهو الكتاب نورا يعني ضياءا للناس، يستضيئون بضوئه الذي بين الله فيه، وهو بيانه الذي فيه مما لهم فيه من العمل به الرشاد، ومن النار النجاة {نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} يقول نهدي به من نشاء هدايته إلى الطريق المستقيم من عبادنا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك، ثم روى بسنده إلى السدي، قال {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} يعني القرآن، وقال جل ثناؤه:{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ} فوحد الهاء، وقد ذكر قبل الكتاب والإيمان، لأنه قصد به الخبر عن الكتاب. وقال بعضهم عنى به الإيمان والكتاب، ولكن وحد الهاء لأن الأسماء الأفعال يجمع جميعها الفعل كما يقال؛ إقبالك وإدبارك يعجبني، فيوحد وهما اثنان انتهى بلفظه.