ثمَّ النِّيَّة وَاجِبَة ومحلها الْقلب، فَلَا يشرع قَول: نَوَيْت رفع الحدثين الْأَكْبَر والأصغر، إِذْ هُوَ بِدعَة - واعتقاد تحتم - نِيَّة الاغتراف لَا أصل لَهُ بل هُوَ بِدعَة، - وظنهم - أَن مَاء غسل الْجَنَابَة نجس خطأ وَجَهل، وَالْحق أَنه لَا ينجس إِلَّا إِذا بَال المغتسل فِيهِ - وَمن الْجَهْل - ظنهم أَن الْجنب إِذا عمل فِي زراعته أَو صناعته أَو تِجَارَته، يحصل لَهُ أَو لغيره خطر أَو ضَرَر ولابد، وَلذَا ترى كثيرا مِمَّن يَعْتَقِدُونَ هَذَا يفوهون بِهَذَا الْكَلَام لبَعْضهِم كثيرا، وَهَذَا جهل فَاحش - وَكَذَا اعْتِقَادهم - أَن على الْجنب بِكُل خطْوَة لعنة، وَأَنه إِذا دخل على المرمود عميت عينه، وَلم يرج لَهُ شِفَاء، وَأَن الْجنب يمْنَع من حلق شعره، وتقليم أظافره، وَمن الْحجامَة، وَكله بَاطِل لما رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: " كَانَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَدُور على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة من اللَّيْل أَو النَّهَار، وَهن إِحْدَى عشرَة ".
وَكَذَا من الأباطيل اعْتِقَاد النِّسَاء أَن الْمَرْأَة الْجنب إِن باشرت عجن الْعَجِين فسد بِسَبَب جنابتها، وَأَن الْبركَة تضيع من كل شَيْء تضع يَدهَا فِيهِ.
قَالَ البُخَارِيّ (بَاب) الْجنب يخرج وَيَمْشي فِي السُّوق وَغَيره، وَقَالَ عَطاء: يحتجم الْجنب ويقلم أظافره، ويحلق رَأسه، وَإِن لم يتَوَضَّأ، ثمَّ سَاق عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: " لَقِيَنِي رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَأَنا جنب فَأخذ بيَدي فمشيت مَعَه حَتَّى قعدنا فانسللت فَأتيت الرحل فاغتسلت، ثمَّ جِئْت وَهُوَ قَاعد فَقَالَ: أَيْن كنت يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ فَقلت لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ الله! يَا أَبَا هُرَيْرَة إِن الْمُؤمن لَا ينجس " وَفِي البُخَارِيّ عَن أبي سَلمَة قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة أَكَانَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يرقد وَهُوَ جنب؟ قَالَت: نعم وَيتَوَضَّأ " وَقَالَ البُخَارِيّ (بَاب) الصَّائِم يصبح جنبا، ثمَّ سَاق بالسند " أَن عَائِشَة وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهُمَا أخبرتا أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ يُدْرِكهُ الْفجْر وَهُوَ جنب من أَهله، ثمَّ يغْتَسل ويصوم " فاتركوا الخرافات والبدع وَاتبعُوا هدى نَبِيكُم.
كتاب السنن والمبتدعات، ص:31 / 32 .