فصل فِي تَحْرِيم دُخُول الْمَسَاجِد على من يَأْكُل بصلا أَو ثوما أَو كراتا أَو فجلا
روى البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة - يَعْنِي الثوم - فَلَا يقربن مَسَاجِدنَا ". وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة فَلَا يقربنا وَلَا يصلين مَعنا " رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَلَفظه قَالَ " إيَّاكُمْ وَهَاتين البقلتين المنتنتين أَن تأكلوهما وتدخلوا مَسَاجِدنَا، فَإِن كُنْتُم وَلَا بُد آكليهما فاقتلوهما بالنَّار قتلا "، وروى الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا مَرْفُوعا: " من أكل بصلا أَو ثوما فليعتزلنا، أَو فليعتزل مَسَاجِدنَا، وليقعد فِي بَيته " وَرِوَايَة مُسلم: " من أكل البصل والثوم والكرات فَلَا يقربن مَسْجِدنَا، فَإِن الْمَلَائِكَة تتأذى مِمَّا يتَأَذَّى مِنْهُ بَنو آدم ".
وخطب عمر يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: " ثمَّ إِنَّكُم أَيهَا النَّاس تَأْكُلُونَ شجرتين لَا أراهما إِلَّا خبيثتين: البصل والثوم، وَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِذا وجد ريحهما من الرجل فِي الْمَسْجِد، أَمر بِهِ فَأخْرج إِلَى البقيع، فَمن أكلهما فليمتهما طبخا " رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ.
تَنْبِيهَات
(الأول) أَن هَذِه الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ترد على أَقْوَال الْفُقَهَاء، إِذْ يَقُولُونَ بِكَرَاهَة أكل البصل، أَو الفجل والثوم والكرات فِي أَيَّام الْجُمُعَات فَقَط لأجل الِاجْتِمَاع بِصَلَاة الْجُمُعَة، وَهَذِه الْأَحَادِيث تبطل مَا قَالُوهُ، وَتثبت تَحْرِيم دُخُول الْمَسْجِد على آكل شَيْئا مِمَّا هُوَ مَذْكُور فِي هَذِه الرِّوَايَات مُطلقًا ودائما وأبداً، من غير أَي تَقْيِيد بجمعة وَلَا غير جُمُعَة.
(الثَّانِي) : أَن هَذَا الدُّخان الَّذِي يدخنونه، وينفقون على ثمنه كل يَوْم بلكل سَاعَة الْأَمْوَال الْكَثِيرَة الباهظة، الَّتِي هم وعيالهم فِي أَشد الِاحْتِيَاج إِلَى بَعْضهَا. فَهَذَا فَوق أَنه إِسْرَاف وسفه وطيش يعاقبون عَلَيْهِ أَشد الْعقَاب من الله - فَلَا شكّ أَيْضا أَنه يسْتَلْزم مَنعهم من دُخُول الْمَسَاجِد لنتن رَوَائِح أَفْوَاههم الَّتِي هِيَ أَشد خبثا من رَوَائِح البصل والثوم والكرات، وَلَكنَّا إِذا قُلْنَا لَهُم هَذَا كَانَت الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ عوانا صهيونية، فنوصي هَؤُلَاءِ بتنظيف أَفْوَاههم وتطييبها بالروائح الطّيبَة قبل الذّهاب إِلَى الْمَسَاجِد.
[فصل]
وَمن الأكاذيب الَّتِي يلوكها بعض الشُّيُوخ فِي هَذَا الْبَاب: -
حَدِيث: إِذا أكلْتُم الفجل وأردتم أَلا يُوجد لَهَا ريح فاذكروني عِنْد أول قضمة " مَوْضُوع.
حَدِيث: " يَا عَليّ إِذا تزودت فَلَا تنس البصل " كذب بحت.
حَدِيث: " عَلَيْكُم بالبصل فَإِنَّهُ يطيب النُّطْفَة، وَيصْلح الْوَلَد " مَوْضُوع مختلق أَيْضا، كَمَا فِي تذكرة الموضوعات للفتني.
حَدِيث: " فضل الكرات على سَائِر الْبُقُول كفضل الْخبز على الْحُبُوب " مَوْضُوع كَمَا فِي كشف الخفا.
كتاب السنن والمبتدعات ، ص:40 / 41 .