بَاب جمع المَال للْمصَالح أَنْبَأَنَا ابْنُ خَيْرُونٍ عَنِ الْجَوْهَرِيِّ عَن الدَّارقطني عَن أبي حَاتِم بن حبَان حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُرْجَاءِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَجْمَعُ الْمَالَ يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ وَيَوْرِي بِهِ عَنْ أَمَانَتِهِ وَيَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ خَلْقِ رَبِّهِ ".
هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ مِنْ كَلامِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا يرْوى نَحوه عَنِ الثَّوْرِي.
قَالَ ابْن حبَان: الْعَلَاء يرْوى الموضوعات على الثقاة والمقلوبات، لَا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ: كَانَ رجل سوء لَا يحل لمن عرفه أَن يروي عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن طَاهِر: كَانَ يَضَعُ الحَدِيث.
بَاب خدمَة الدُّنْيَا للعباد واستخدامها للراغبين فِيهَا أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُوَحِّدُ أَنْبَأَنَا هَنَّادُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّسَفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمد بن سعيد الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلدُّنْيَا: مُرِّي عَلَى أَوْلِيَائِي وَأَحِبَّائِي لَا تُحَلِّيهَا فَتَفْتِنِيهِمْ، وَأَكْرِمِي من خدمني وأتعبني مَنْ خَدَمَكِ ".
طَرِيق آخر: أَنْبَأَنَا عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْقَوَّاسُ حَدَّثَنَا أَبُو مَقَاتِلٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عبد الله عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الدُّنْيَا أَنْ أَخْدِمِي مَنْ خَدَمَنِي، وأتعبني مَنْ خَدَمَكِ ".
مدَار الطَّرِيقَيْنِ عَلَى الْحُسَيْن بْن دَاوُدَ.
قَالَ الْخَطِيب: تفرد بِرِوَايَة هَذَا الْحَدِيث عَنِ الفضيل، وَهُوَ مَوْضُوع وَرِجَاله كلهم ثقاة سواهُ.
بَاب التفرد لطاعة الله عزوجل
أَنبأَنَا عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ حَدَّثَنِي الْحسن ابْن أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُسْطَامِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمد بن عبد الرحمن ابْن الْجَارُود حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الملك الدقيقي وَعُثْمَان بن خرزاذ الانطاكي وعباس ابْن مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبى التياح عَن أنس ابْن مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُول الله تَعَالَى: يَا ابْن آدَمَ أَنَا بُدُّكَ اللازِمُ فَاعْمَلْ لِبُدِّكَ، كُلَّ النَّاسِ لَكَ مِنْهُمْ بُدٌّ وَلَيْسَ لَكَ مِنِّي بُدٌّ ".
قَالَ الْخَطِيب: هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع الْمَتْن مركب عَلَى هَذَا الْإِسْنَاد وكل رِجَاله مَشْهُورُونَ معروفون بِالصّدقِ إِلَّا ابْن الْجَارُود فَإِنَّهُ كَذَّاب وَلم نَكْتُبهُ إِلَّا من حَدِيثه.
بَاب انقسام الزاهدين أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الملك أَنبأَنَا الجوهرى عَن الدَّارقطني عَن أبي حَاتِم بن حبَان حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرٍو السَّكْسَكِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ مَنَازِلَ: فَمَنْ طَلَبَ مَا عِنْدَ الله عزوجل كَانَتِ السَّمَاءُ ظِلالُهُ وَالأَرْضُ فِرَاشَهُ، لم يهتم بشئ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، فَرَّغَ نَفْسَهُ لله عزوجل فَهُوَ لَا يَزْرَعُ وَهُوَ يأَكْلُ الْخُبْزَ، وَهُوَ لَا يَغْرِسُ الشَّجَرَ وَهُوَ يَأْكُل [الثَّمر (١) ] ، وَلَا يهتم بشئ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا تَوَكُّلا عَلَى الله عزوجل وَطلب ثَوَابه، تضمن الله عزوجل السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ وَجَمِيعِ الْخَلَائق رزقه بِغَيْر حِسَاب، عبد الله حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينَ.
وَالثَّانِي: لَمْ يَقْوَ عَلَى مَا قَوِيَ عَلَيْهِ، يَطْلُبُ بَيْتًا يُكِنُّهُ وَثَوْبًا يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَزَوْجَةً يَسْتَعِفُّ بِهَا، وَطَلَبَ رِزْقًا حَلالا فَطَيَّبَ اللَّهُ رِزْقَهُ، فَإِنْ خَطَبَ لَمْ يُزَوَّجْ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ أُخِذَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ يُعْطَهُ، فَالنَّاسُ مِنْهُ
فِي رَاحَةٍ وَنَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ، يَظْلِمُ فَلا يَنْتَصِرُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ عزوجل فَلَا يَزَالُ فِي الدُّنْيَا مُتَزَيِّنًا حَتَّى يَفْضِي إِلَى الرَّاحَةِ وَالْكَرَامَةِ.
وَالثَّالِثُ: طَلَبَ مَا عِنْدَ النَّاسِ فَطَلَبَ الْبِنَاءَ الْمُشَيَّدَ وَالْمَرَاكِبَ الْفَارِعَةَ وَالْخَدَمَ الْكَثِيرَ وَالتَّطَاوُلَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ، فَأَلْهَاهُ مَا بِيَدِهِ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَةِ فَهُوَ عَبْدُ الدُّنْيَا وَالدِّرْهَمِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخَادِمِ وَالثَّوْبِ اللَّيِّنِ وَالْمَرْكَبِ، يَكْسِبُ مَالَهُ مِنْ حَلالِهِ وَحَرَامِهِ، يُحَاسَبُ عَلَيْهِ وَيذْهب - بهناه -[بهناة] غَيْرِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ".
قَالَ ابْن حبَان: عَبْد الْعَزِيز وَعمر بْن بُكَيْر ليسَا فِي الْحَدِيث بشئ، وَلَكِن لَيْسَ هَذَا من عملهما، هَذَا شئ تفرد بِهِ إِبْرَاهِيم وَهُوَ مِمَّا عملت يَدَاهُ وَهُوَ يرْوى عَنْ أَبِيهِ الْأَشْيَاء الْمَوْضُوعَة الَّتِي لَا تعرف من حَدِيث أَبِيهِ.
وَأَبوهُ أَيْضا لَا شئ، فلست أدرى هُوَ الْجَانِي عَلَى أَبِيهِ أَوْ أَبوهُ الَّذِي يَخُصُّهُ بِهَذِهِ الموضوعات.
قَالَ:بَاب رد شهوات النَّفس أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الملك بْنِ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بن الْمَأْمُون أَنبأَنَا الدَّارقطني حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْب حَدثنَا الْحسن ابْن مُوسَى الأَشْيَبُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ اشْتَرَى سَمَكَةً طَرِيَّةً بِدِرْهَمٍ وَنِصْفِ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: أَيُّمَا امْرِئٍ اشْتَهَى شَهْوَةً فَرَدَّ شَهْوَتَهُ وَآثَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ غُفِرَ لَهُ ".
هَذَا حَدِيث مَوْضُوع، وَالْمُتَّهَم بِهِ عَمْرو بْن خَالِد.
قَالَ وَكِيع: كَانَ فِي جوارنا
يضع الْحَدِيث، وَقَالَ ابْن عَدِي: عَامَّة مَا يَرْوِي مَوْضُوعَات، كذبه أَحْمَد وَيَحْيَى.
وَاعْلَم أَن جهلة المتزهدين بنوا عَلَى مثل هَذَا الْحَدِيث الواهي، فتركوا كُل مَا تشتهيه النَّفس، فعذبوا أنفسهم لمجاهدتها فِي ترك كُل مَا يشتهى من الْمُبَاحَات، وَذَلِكَ غلط، لِأَن للنَّفس حَقًا، وَمَتى ترك كُل مَا تشتهيه أثر فِي صورتهَا وَمَعْنَاهَا.
أما فِي صورتهَا فَإِن جَسدهَا قَدْ بنى عَلَى أخلاط وَفِي بَاطِنهَا طبيعة مستحثة عَلَى مَا يصلحها، فَإِذَا قُلْت عِنْدهَا الرُّطُوبَة مَالَتْ إِلَى المرطبات، وَإِذا كثرت عَلَيْهَا طلبت المنشفات طلبا لإِصْلَاح بدنهَا، فَإِذَا منعت مَا ركبت عَلَيْهِ من طلب الملائم كَانَ ذَلِكَ مضادا لحكمة الْوَاضِع ومبالغة فِي أَذَى النَّفس.
وَأَمَّا فِي مَعْنَاهُ ينكمد برد أغراضها، إِذْ نيل أغراضها يقوى حاسها، فَلَا يَنْبَغِي أَن يتْرك من أغراضها إِلَّا مَا خَافَ من تنَاوله.
أما الملائم أَوِ التثبط عَنِ الطَّاعَة أَوْ فَوَات خَيرهَا، وَإِنَّمَا امْنَعْ من ترك شهواتها عَلَى الْإِطْلَاق.
وَأَمَّا إِذَا اشتهت شَيْئًا من فضول الْعَيْش، فآثرت بِهِ، فالثواب حَاصِل، وَذَلِكَ دَاخل فِي قَوْله تَعَالَى (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون) .
الموضوعات،ج:3،ص:135إلى139.