وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة حتى إن الشيخ عبد الكريم العامري الغزي لم يورده في كتابه " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث ".
وقد وجدت له أصلا موقوفا، رواه ابن قتيبة في " غريب الحديث "(١ / ٤٦ / ٢) حدثني السجستاني حدثنا الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن العيزار وعبيد الله بن العيزار لم أجد من ترجمه.
ثم وقفت عليها في " تاريخ البخاري "(٣ / ٣٩٤) و" الجرح والتعديل "(٢ / ٢ / ٣٣٠) بدلالة بعض أفاضل المكيين نقلا عن تعليق للعلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله تعالى وفيها يتبين أن الرجل وثقه يحيي بن سعيد القطان وأنه يروي عن الحسن البصري وغيره من التابعين فالإسناد منقطع.
ويؤكده أنني رأيت الحديث في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي (ق ١٣٠ / ٢) من طريق أخرى عن ابن العيزار قال: لقيت شيخا بالرمل من الأعراب كبيرا فقلت: لقيت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، فقلت: من؟ فقال: عبد الله بن عمرو بن العاص....
ثم رأيت ابن حبان قد أورده في " ثقات أتباع التابعين "(٧ / ١٤٨) .
ورواه ابن المبارك في " الزهد " من طريق آخر فقال (٢١٨ / ٢) : أنبأنا محمد ابن عجلان عبد الله بن عمرو بن العاص قال: فذكره موقوفا، وهذا منقطع وقد روي مرفوعا، أخرجه البيهقي في سننه (٣ / ١٩) من طريق أبي صالح حدثنا الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره في تمام حديث أوله: " إن هذا الدين متين فأو غل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى، فاعمل عمل امريء يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر (امريء) يخشى أن يموت غدا ".
وهذا سند ضعيف وله علتان جهالة مولى عمر بن عبد العزيز وضعف أبي صالح وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث كما تقدم في الحديث(٦).
ثم إن هذا السياق ليس نصا في أن العمل المذكور فيه هو العمل للدنيا، بل الظاهر منه أنه يعني العمل للآخرة، والغرض منه الحض على الاستمرار برفق في العمل الصالح وعدم الانقطاع عنه، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم:" أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " متفق عليه والله أعلم.
هذا والنصف الأول من حديث ابن عمرو رواه البزار (١ / ٥٧ / ٧٤ ـ كشف الأستار) من حديث جابر، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد "(١ / ٦٢) : وفيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب.
قلت: ومن طريقه رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتابه " الأمثال "(رقم ٢٢٩) .
لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم:" إن هذا الدين يسر، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا ... " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا.
وقد روى الحديث بنحوه من طريق أخرى وسيأتي بلفظ (أصلحوا دنياكم ... )(رقم ٨٧٨) .