" إذا صعد الخطيب المنبر، فلا صلاة ولا كلام ".

" إذا صعد الخطيب المنبر، فلا صلاة ولا كلام ".

اللفظ / العبارة' " إذا صعد الخطيب المنبر، فلا صلاة ولا كلام ".
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي باطل لا أصل له
القسم المناهي العملية
Content

 " إذا صعد الخطيب المنبر، فلا صلاة ولا كلام ".

باطل.

قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة وعلق على المنابر ولا أصل له! وإنما رواه الطبراني في " الكبير " عن ابن عمرو مرفوعا بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام، حتى يفرغ الإمام " وفيه أيوب بن نهيك، قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل (١ / ١ / ٢٥٩) : سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث، سمعت أبا زرعة يقول: لا أحدث عن أيوب ابن نهيك، ولم يقرأ علينا حديثه وقال: وهو منكر الحديث، وقال الهيثمي في " المجمع (٢ / ١٨٤) : وهو متروك ضعفه جماعة ... ولهذا قال الحافظ في " الفتح (٢ / ٣٢٧) : إنه حديث ضعيف، وأخرجه البيهقي في سننه (٣ / ١٩٣) من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام  وقال:

رفعه خطأ فاحش وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب أو الزهري، وأقره الزيلعي في " نصب الراية (٢ / ٢٠١) ، وإنما حكمت على الحديث بالبطلان لأنه مع ضعف سنده يخالف حديثين صحيحين: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين ". أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث جابر، وفي رواية أخرى عنه قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له: " يا سليك! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما  ثم قال: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما "، أخرجه مسلم (٣ / ١٤ - ١٥) وغيره، وهو مخرج في " صحيح أبي داود (١٠٢٣) .

الآخر: قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " متفق عليه، وهو مخرج في " الإرواء " (٦١٩) .

فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام، بينما حديث الباب ينهي عنهما! فمن الجهل البالغ أن ينهي بعض الخطباء عنهما من أراد أن يصليهما وقد دخل والإمام يخطب خلافا لأمره صلى الله عليه وسلم، وإني لأخشى على مثله أن يدخل في وعيد قوله تعالى: {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى} وقوله: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ولهذا قال النووي رحمه الله: هذا نص لا يتطرق إليه التأويل، ولا أظن عالما يبلغه ويعتقده صحيحا فيخالفه.

والحديث الآخر يدل بمفهو م قوله: والإمام يخطب أن الكلام والإمام لا يخطب لا مانع منه، ويؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه، كما قال ثعلبة بن أبي مالك:

إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر حتى يسكت المؤذن، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كلتيهما، أخرجه مالك في " موطئه " (١ / ١٢٦) والطحاوي (١ / ٢١٧) والسياق له، وابن أبي حاتم في " العلل " (١ / ٢٠١) وإسناد الأولين صحيح.

فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام، لا مجرد صعوده على المنبر، وأن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد، فظهر بطلان حديث الباب، والله تعالى هو الهادي للصواب.

سلسلة الضعيفة والموضوعة،ج:1،ص:200إلى 202.



Loading...