وقد أورده الغزالي (٣ / ٤٥) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم وإذا جاز أن يخفى عليه بطلانه من الناحية الحديثية فلست أدري كيف خفي عليه بطلانه من الناحية الفقهية؟! فإن الحديث معارض تمام المعارضة لقوله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، ولعل في هذا عبرة لمن يتساهلون برواية الأحاديث ونسبتها إليه صلى الله عليه وسلم دون أن يتثبتوا من صحتها على طريقة المحدثين جزاهم الله عن المسلمين خيرا.
وهذا الحديث أورده السبكي في " الطبقات "(٤ / ١٦٢) في فصل الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا مما وقع في كتاب " الإحياء "، وأما الحافظ العراقي فإنه استشهد له في تخريجه إياه بالحديث الآتي وهو:" ما من شيء إلا له توبة، إلا صاحب سوء الخلق، فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه ".
موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير "(ص ١١٤) والأصبهاني في " الترغيب "(١٥١ / ١) من طريق عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعا.
وقال الطبراني: لم يروه عن يحيى إلا عمرو، ولا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد.
قلت: وهو موضوع، فإن عمرا هذا قال النقاش: أحاديثه موضوعة وكذبه يحيى بن معين وقال ابن عدي: كان يتهم بالوضع، ومنه تعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء "(٣ / ٤٥) بعد أن عزاه للطبراني:وإسناده ضعيف، قصور إلا أن يلاحظ أن الموضوع من أنواع الضعيف كما هو مقرر في المصطلح.
وقال الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد "(٨ / ٢٥) : رواه الطبراني في " الصغير "، وفيه عمرو بن جميع وهو كذاب.
والحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية أبي الفتح الصابوني في " الأربعين " عن عائشة ويعترض عليه من وجهين.
الأول: إيراده فيه مع أنه ليس على شرطه لتفرد الكذاب به!
الآخر: اقتصاره في العزو على الصابوني فأو هم أنه ليس عند من هو أشهر منه!
ثم إن الحديث أورده العراقي شاهدا للحديث الذي قبله وليس بصواب لأمرين.
الأول: أنه ليس فيه " أن سوء الخلق ذنب لا يغفر ".
الآخر: أنه ليس فيه: " وسوء الظن خطيئة تفوح " وهو تمام الحديث قبله.