" إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد
سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ".
وهو حديث صحيح لمجموع طرقه، وقد وقفت على ثلاث منها كلها عن ابن عمر
رضي الله عنه مرفوعا:
الأولى: عن إسحاق أبي عبد الرحمن أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعا حدثه عن
ابن عمر قال: فذكره.
أخرجه أبو داود (رقم ٣٤٦٢) والدولابي في " الكنى " (٢ / ٦٥) وابن عدي في
" الكامل " (٢٥٦ / ٢) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٥ / ٣١٦) .
وتابعه فضالة بن حصين عن أيوب عن نافع به.
رواه ابن شاهين في جزء من " الأفراد " (١ / ١) وقال " تفرد به فضالة "
وقال البيهقي: " روي ذلك من وجهين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر ".
يشير بذلك إلى تقوية الحديث، وقد وقفت على أحد الوجهين المشار إليهما وهو
الطريق:
الثانية: عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر.
أخرجه أحمد (رقم ٤٨٢٥) وفي " الزهد " (٢٠ / ٨٤ / ١ - ٢) ، والطبراني
في " الكبير " (٣ / ٢٠٧ / ١) وأبو أمية الطرسوسي في " مسند ابن عمر "
(٢٠٢ / ١) .
والوجه الثاني أخرجه الطبراني في " الكبير " (٣ / ١٠٧ / ١) عن ليث عن
عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في " العقوبات " (٧٩ / ١) . والروياني في " مسنده "
(٢٤٧ / ٢) من وجه آخر عن ليث عن عطاء، أسقط من بينهما ابن أبي سليمان،
وكذا رواه أبو نعيم في " الحلية " (١ / ٣١٣ - ٣١٤) .
الثالثة: عن شهر بن حوشب عن ابن عمر. رواه أحمد (رقم ٥٠٠٧) .
ثم وجدت له شاهدا من رواية بشير بن زياد الخراساني: حدثنا ابن جريج عن عطاء
عن جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه ابن عدي في ترجمة بشير هذا من " الكامل " وقال: " وهو غير معروف،
في حديثه بعض النكرة ". وقال الذهبي: " ولم يترك ".
فتأمل كيف بين هذا الحديث ما أجمل في حديث أبي أمامة المتقدمة قبله، فذكر
أن تسليط الذل ليس هو لمجرد الزرع والحرث بل لما اقترن به من الإخلاد إليه
والانشغال به عن الجهاد في سبيل الله، فهذا هو المراد بالحديث، وأما الزرع
الذي لم يقترن به شيء من ذلك فهو المراد بالأحاديث المرغبة في الحرث فلا تعارض
بينها ولا إشكال.
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها،ج:1،ص:42إلى 44.