" الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب ".
مالك (٢ / ٩٧٨ / ٣٥) ، وعنه أبو داود (٢٦٠٧) ، وكذا الترمذي (١ / ٣١٤)
والحاكم (٢ / ١٠٢) ، والبيهقي (٥ / ٢٦٧) ، وأحمد (٢ / ١٨٦، ٢١٤) من
طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا.
وسببه كما في " المستدرك " والبيهقي:
" أن رجلا قدم من سفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صحبت؟ فقال:
ما صحبت أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ".
ووافقه الذهبي.
وقال الترمذي: " حديث حسن ".
قلت: وإسناده حسن، للخلاف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والمتقرر فيه
أنه حسن كما فصلت القول فيه في " صحيح أبي داود " (رقم ١٢٤) .
وفي هذه الأحاديث تحريم سفر المسلم وحده وكذا لو كان معه آخر، لظاهر النهي
في الحديث الذي قبل هذا، ولقوله فيه: " شيطان " أي عاص، كقوله تعالى
(شياطين الإنس والجن) فإن معناه: عصاتهم كما قال المنذري.
وقال الطبري: " هذا زجر أدب وإرشاد لما يخاف على الواحد من الوحشة، وليس
بحرام، فالسائر وحده بفلاة، والبائت في بيت وحده لا يأمن من الاستيحاش،
لاسيما إن كان ذا فكرة رديئة أو قلب ضعيف. والحق أن الناس يتفاوتون في ذلك،
فوقع الزجر لحسم المادة فيكره الانفراد سدا للباب، والكراهة في الاثنين أخف
منها في الواحد ".
ذكره المناوي في " الفيض ".
قلت: ولعل الحديث أراد السفر في الصحارى والفلوات التي قلما يرى المسافر
فيها أحدا من الناس، فلا يدخل فيها السفر اليوم في الطرق المعبدة الكثيرة
المواصلات. والله أعلم.
ثم إن فيه ردا صريحا على خروج بعض الصوفية إلى الفلاة وحده للسياحة وتهذيب
النفس، زعموا! وكثيرا ما تعرضوا في أثناء ذلك للموت عطشا وجوعا، أو لتكفف
أيدي الناس، كما ذكروا ذلك في الحكايات عنهم. وخير الهدي هدي محمد صلى الله
عليه وآله وسلم.
سلسلة الأحاديث الصحيحة ،ج:1،ص:131إلى133.