ثنتا عشرَة رَكْعَة بَين العشاءين أول خَمِيس من رَجَب وخصوصاً لَهَا قِرَاءَة وتسبيحا يُخَالف غَيرهَا من الصَّلَوَات، وَقد قَالَ شَارِح الْإِحْيَاء فِيهَا قَالَ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْعِزّ بن عبد السَّلَام: لم يكن فِي بَيت الْمُقَدّس قطّ صَلَاة فِي رَجَب وَلَا صَلَاة نصف شعْبَان، فَحدث فِي سنة ٤٤٨ أَن قدم عَلَيْهِم رجل من نابلس، يعرف بِابْن الْحَيّ. وَكَانَ حسن التِّلَاوَة فَقَامَ فصلى فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى لَيْلَة النّصْف من شعْبَان، فَأحْرم خَلفه رجل، ثمَّ انضاف ثَالِث ورابع فَمَا ختم إِلَّا وهم جمَاعَة كَثِيرَة، ثمَّ جَاءَ فِي الْعَام الْقَابِل فصلى مَعَه خلق كثير، وانتشرت فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى وبيوت النَّاس ومنازلهم ثمَّ اسْتَقَرَّتْ كَأَنَّهَا سنة إِلَى يَوْمنَا هَذَا أه. وَقَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ أوردهُ رزين فِي كِتَابه وَهُوَ حَدِيث مَوْضُوع. أه. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: مَوْضُوع على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَقد اتهموا بِهِ ابْن جَهْضَم ونسبوه إِلَى الْكَذِب، وَسمعت شَيخنَا عبد الْوَهَّاب الْحَافِظ يَقُول: رِجَاله مَجْهُولُونَ، وَقد فتشت عَلَيْهِم جَمِيع الْكتب فَمَا وَجَدتهمْ، وَأقرهُ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ، وَحكى عَن الإِمَام النَّوَوِيّ أَنه قَالَ: هَذِه الصَّلَاة بِدعَة مذمومة مُنكرَة قبيحة، وَلَا تغتر بذكرها فِي كتاب قوت الْقُلُوب والإحياء، وَحكى عَن الإِمَام الطرطوشي وَعَن الْبُرْهَان الْحلَبِي وَغَيرهم القَوْل بوضعها أه. وَكَذَا قَالَ صَاحب الْحصن الْحصين وشارحه الشَّوْكَانِيّ وَقد ألف لَهَا الإِمَام أَبُو شامة كتابا سَمَّاهُ: الْبَاعِث على إِنْكَار الْبدع والحوادث، بَين فِيهِ بُطْلَانهَا، وَكَذَا شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وَالْمجد اللّغَوِيّ وَغَيرهم - ثمَّ اعْلَم أَن كل حَدِيث فِي صَلَاة أول رَجَب أَو وَسطه أَو آخِره - فَغير مَقْبُول لَا يعْمل بِهِ وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ.قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي كِتَابه (تَبْيِين الْعجب بِمَا ورد فِي فضل رَجَب) لم يرد فِي فضل شهر رَجَب وَلَا فِي صِيَامه، وَلَا فِي صِيَام شَيْء مِنْهُ معِين، وَلَا فِي قيام لَيْلَة مَخْصُوصَة فِيهِ حَدِيث صَحِيح يصلح للحجة، وَقد سبقني إِلَى الْجَزْم بذلك الإِمَام أَبُو إِسْمَاعِيل الْهَرَوِيّ الْحَافِظ، وَكَذَلِكَ روينَاهُ عَن غَيره، وَلَكِن اشْتهر أَن أهل الْعلم يتسامحون فِي إِيرَاد الْأَحَادِيث فِي الْفَضَائِل، وَإِن كَانَ فِيهَا ضعف مَا لم تكن مَوْضُوعَة، وَيَنْبَغِي فِي ذَلِك اشْتِرَاط أَن يعْتَقد الْعَامِل كَون ذَلِك الحَدِيث ضَعِيفا، وَأَن لَا يشْتَهر ذَلِك لِئَلَّا يعْمل الْمَرْء بِحَدِيث ضَعِيف فيشرع مَا لَيْسَ بشرع أَو يرَاهُ بعض الْجُهَّال فيظن أَنه سنة صَحِيحَة، وليحذر، الْمَرْء من دُخُوله تَحت قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " من حدث عني بِحَدِيث يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَذَّابين " فَكيف بِمن عمل بِهِ؟ وَلَا فرق فِي الْعَمَل بِالْحَدِيثِ فِي الْأَحْكَام أَو فِي الْفَضَائِل إِذْ الْكل شرع، ثمَّ بَين أَن أمثل حَدِيث يشْعر بِفضل صِيَام رَجَب هُوَ حَدِيث " ذَاك شهر يغْفل النَّاس عَنهُ بَين رَجَب ورمضان " وسَاق أَيْضا حَدِيث الباهلية، وَهُوَ ضَعِيف، ثمَّ سَاق الْأَحَادِيث الشَّدِيدَة الضعْف والموضوعة وَقَالَ الإِمَام ابْن الْقيم وَلم يصم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الثَّلَاثَة الْأَشْهر سرداً كَمَا يَفْعَله مَا حَاصله: إِن الصّديق أنكر على أَهله صِيَامه وَإِن عمر كَانَ يضْرب بِالدرةِ صوامه وَيَقُول إِنَّمَا هُوَ شهر كَانَت تعظمه الْجَاهِلِيَّة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَلم يثبت فِي صَوْم رَجَب نهى وَلَا ندب بِعَيْنِه، وَلَكِن أصل الصَّوْم مَنْدُوب إِلَيْهِ، وَفِي سنَن أبي دَاوُد أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ندب الصَّوْم من الْأَشْهر الْحرم وَرَجَب أَحدهَا أه. عزيزي، وَحَدِيث " إِن فِي الْجنَّة نَهرا يُقَال لَهُ رَجَب مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل من صَامَ يَوْمًا من رَجَب سقَاهُ الله من ذَلِك النَّهر " قَالَ فِي أَسْنَى المطالب: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: لَا يَصح، وَقَالَ الذَّهَبِيّ بَاطِل، وَكَذَا قَالَ فِي تَبْيِين الْعجب وَفِي الْبَاعِث (وَإِن تعجب فَعجب) من الخطباء الجهلاء حَيْثُ يثبتون هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله فِي دواوينهم ويقرءونه فِي خطبهم على النَّاس وَمن بعدهمْ يقلدهم فِي قِرَاءَته من غير بحث عَن صِحَة مَا يأمرون النَّاس بِهِ، فَإنَّا لله! .
وَحَدِيث: " من صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام من شهر حرَام الْخَمِيس وَالْجُمُعَة والسبت كتب الله لَهُ عبَادَة تِسْعمائَة سنة - وَفِي لفظ - سِتِّينَ سنة " أورد البُخَارِيّ غَالب طرقه ثمَّ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بَاطِل متْنا وتسلسلا أه وَهُوَ فِي ديوَان خطب ابْن نباتة وَغَيره فَاحْذَرُوهُ.
وَحَدِيث " صَوْم أول يَوْم من رَجَب كَفَّارَة ثَلَاث سِنِين وَالثَّانِي كَفَّارَة سنتَيْن، وَالثَّالِث كَفَّارَة سنة، ثمَّ كل يَوْم شهرا " ذكره فِي الْجَامِع عَن الْخلال وَضَعفه، وَقَالَ شَارِحه: وَإِسْنَاده سَاقِط. وَحَدِيث " رَجَب شهر الله، وَشَعْبَان شَهْري، ورمضان شهر أمتِي، رمز فِي الْجَامِع أَنه مُرْسل ضَعِيف، وَحَدِيث " فضل شهر رَجَب على سَائِر الشُّهُور كفضل الْقُرْآن على سَائِر الْكَلَام " الخ قَالَ عَليّ الْقَارئ: قَالَ الْعَسْقَلَانِي: مَوْضُوع أه. بعض النَّاس، وَلَا صَامَ رجباً قطّ، وَلَا اسْتحبَّ صِيَامه، بل رُوِيَ عَنهُ النَّهْي عَن صِيَامه، رَوَاهُ مَاجَه أه. وَقَالَ فِي الْبَاعِث مَا حَاصله: إِن الصّديق أنكر على أَهله صِيَامه وَإِن عمر كَانَ يضْرب بِالدرةِ صوامه وَيَقُول إِنَّمَا هُوَ شهر كَانَت تعظمه الْجَاهِلِيَّة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَلم يثبت فِي صَوْم رَجَب نهى وَلَا ندب بِعَيْنِه، وَلَكِن أصل الصَّوْم مَنْدُوب إِلَيْهِ، وَفِي سنَن أبي دَاوُد أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ندب الصَّوْم من الْأَشْهر الْحرم وَرَجَب أَحدهَا أه. عزيزي، وَحَدِيث " إِن فِي الْجنَّة نَهرا يُقَال لَهُ رَجَب مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل من صَامَ يَوْمًا من رَجَب سقَاهُ الله من ذَلِك النَّهر " قَالَ فِي أَسْنَى المطالب: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: لَا يَصح، وَقَالَ الذَّهَبِيّ بَاطِل، وَكَذَا قَالَ فِي تَبْيِين الْعجب وَفِي الْبَاعِث (وَإِن تعجب فَعجب) من الخطباء الجهلاء حَيْثُ يثبتون هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله فِي دواوينهم ويقرءونه فِي خطبهم على النَّاس وَمن بعدهمْ يقلدهم فِي قِرَاءَته من غير بحث عَن صِحَة مَا يأمرون النَّاس بِهِ، فَإنَّا لله! .
وَحَدِيث " صَوْم أول يَوْم من رَجَب كَفَّارَة ثَلَاث سِنِين وَالثَّانِي كَفَّارَة سنتَيْن، وَالثَّالِث كَفَّارَة سنة، ثمَّ كل يَوْم شهرا " ذكره فِي الْجَامِع عَن الْخلال وَضَعفه، وَقَالَ شَارِحه: وَإِسْنَاده سَاقِط. وَحَدِيث " رَجَب شهر الله، وَشَعْبَان شَهْري، ورمضان شهر أمتِي، رمز فِي الْجَامِع أَنه مُرْسل ضَعِيف، وَحَدِيث " فضل شهر رَجَب على سَائِر الشُّهُور كفضل الْقُرْآن على سَائِر الْكَلَام " الخ قَالَ عَليّ الْقَارئ: قَالَ الْعَسْقَلَانِي: مَوْضُوع أه. وكل هَذِه الْأَحَادِيث يَقْرَأها عَلَيْكُم أَيَّام الْجُمُعَات على المنابر فِي دواوين الخطباء الجاهلون الغافلون عَن صَحِيح الحَدِيث وسقيمه، فطالبوهم أَيهَا النَّاس أَن لَا يقرأوا عَلَيْكُم إِلَّا الصَّحِيح. وحرقوا مَا بِأَيْدِيهِم من دواوين فَهِيَ سَبَب ضلالتكم وضياع دينكُمْ ودنياكم قُولُوا لَهُم اقرأوا علينا الْقُرْآن على المنابر وَإِلَّا فانزلوا وَإِذا كذبُوا على رَسُول الله على المنابر فَلَا تتسمحوا بهم إِذا نزلُوا وَلَكِن ابصقوا فِي أَعينهم.
فصل فِي بدع شهر رَجَب
وَقِرَاءَة قصَّة الْمِعْرَاج، والاحتفال لَهَا فِي لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من رَجَب بِدعَة، وَتَخْصِيص بعض النَّاس لَهَا بِالذكر وَالْعِبَادَة بِدعَة، والأدعية الَّتِي تقال فِي رَجَب، وَشَعْبَان، ورمضان كلهَا مخترعة مبتدعة، وَلَو كَانَ خيرا لسبقونا إِلَيْهِ، والإسراء لم يقم دَلِيل على ليلته، وَلَا على شهره، وَمَسْأَلَة ذَهَابه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ورجوعه لَيْلَة الْإِسْرَاء وَلم، يبرد فرَاشه، لم تثبت، بل هِيَ أكذوبة من أكاذيب النَّاس.
فصل فِي صَلَاة لَيْلَة الْمِعْرَاج
قَالَ الْمجد اللّغَوِيّ: وَصَلَاة لَيْلَة الْمِعْرَاج، وَصَلَاة لَيْلَة الْقدر، وَصَلَاة كل لَيْلَة من رَجَب، وَشَعْبَان، ورمضان؛ هَذِه الْأَبْوَاب لم يَصح فِيهَا شَيْء أصلا. أه. وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي صَلَاة لَيْلَة سبع وَعشْرين من شهر رَجَب، وأمثالها: فَهَذَا غير مَشْرُوع بِاتِّفَاق أَئِمَّة الْإِسْلَام: كَمَا نَص على ذَلِك الْعلمَاء المعتبرون؛ وَلَا ينشئ مثل هَذَا إِلَّا جَاهِل مُبْتَدع إِلَخ. أه.
وقصة الْمِعْرَاج المنسوبة إِلَى ابْن عَبَّاس كلهَا أباطيل وأضاليل،
كتاب السنن والمبتدعات ص 140 إلى 143.