حكم من ترك الدعاء عند التخلي

حكم من ترك الدعاء عند التخلي

اللفظ / العبارة' حكم من ترك الدعاء عند التخلي
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

[أَبْوَابُ أَحْكَامِ التَّخَلِّي] [بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَخَلِّي عِنْد دُخُوله وَخُرُوجه]

قَوْلُهُ: (إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَيْ كَانَ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ عِنْد إرَادَةِ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ، قَالَ (كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ قَالَ:) فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَهَذَا فِي الْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَقُولُ فِي أَوَّلِ الشُّرُوعِ عِنْد تَشْمِيرِ الثِّيَابِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

قَوْلُهُ: (الْخُبْثِ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كَذَا فِي الرِّوَايَةِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِمَّا جَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْه كَكُتُبٍ وَكُتْبَ، قَالَهُ فِي الْفَتْحِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّ الْبَاءَ هُنَا سَاكِنَةٌ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تَرْكَ التَّخْفِيفِ أَوْلَى لِئَلَّا يَشْتَبِهُ بِالْمَصْدَرِ وَالْخُبْثُ: جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ: جَمْعُ خَبِيثَةٍ، قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا: يُرِيدُ ذُكْرَانَ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثَهُمْ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَيُقَالُ: الْخُبْثُ أَيْ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مُخَفَّفَةً عَنْ الْمُحَرَّكَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمَكْرُوهُ.

قَالَ: فَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَلَامِ فَهُوَ الشَّتْمُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَلَلِ فَهُوَ الْكُفْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الطَّعَامِ فَهُوَ الْحَرَامُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّرَابِ فَهُوَ الضَّارُّ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْخَبَائِثِ: الْمَعَاصِي أَوْ مُطْلَقُ الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ لَيَحْصُلَ التَّنَاسُبُ، قَالَ: وَقَدْ رَوَى الْمَعْمَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ بِلَفْظِ الْأَمْرِ، قَالَ: «إذَا دَخَلْتُمْ الْخَلَاءَ فَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَفِيهِ زِيَادَةُ التَّسْمِيَةِ وَلَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ. اهـ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَشْهَدُ لِمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ.

(عَنْ أَنَس قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ

ــ

[نيل الأوطار]

٧٦ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ) . الْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَأَبُو حَاتِمٍ، قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّان، وَقَوْلُهُ: " غُفْرَانَكَ " إمَّا مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ: أَيْ أَسْأَلُكَ غُفْرَانَك أَوْ أَطْلُبُ، أَوْ مَفْعُول مُطْلَق: أَيْ اغْفِرْ غُفْرَانَكَ، قِيلَ: إنَّهُ اسْتَغْفَرَ لِتَرْكِهِ الذِّكْرَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْوَالِهِ إلَّا فِي حَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَجَعَلَ تَرْكَ الذِّكْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَقْصِيرًا وَذَنْبًا يَسْتَغْفِرُ مِنْهُ، وَقِيلَ: اسْتَغْفَرَ لِتَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِإِقْدَارِهِ عَلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ الْخَارِجِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْحَدِيثِ الْآتِي فِي الْحَمْدِ

٧٧ - (وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) . الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، فَهَارُونَ بْنُ إِسْحَاقَ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ: صَدُوقٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ يُدَلِّسُ، قَالَهُ أَحْمَدُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ إنَّ كَانَ الْعَبْدِيَّ فَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَإِنْ كَانَ الْبَصْرِيَّ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكِلَاهُمَا يَرْوِي عَنْ الْحَسَنِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَرَمَزَ السُّيُوطِيّ بِصِحَّتِهِ، وَفِي حَمْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إشْعَارٌ بِأَنَّ هَذِهِ نِعْمَةٌ جَلِيلَةٌ وَمِنَّةٌ جَزِيلَةٌ، فَإِنَّ انْحِبَاسَ ذَلِكَ الْخَارِجِ مِنْ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ فَخُرُوجُهُ مِنْ النِّعَمِ الَّتِي لَا تَتِمُّ الصِّحَّةُ بِدُونِهَا وَحَقٌّ عَلَى مَنْ أَكَلَ مَا يَشْتَهِيه مِنْ طَيِّبَاتِ الْأَطْعِمَةِ فَسَدَّ بِهِ جَوْعَتَهُ وَحَفِظَ بِهِ صِحَّتَهُ وَقُوَّتَهُ ثُمَّ لَمَّا قَضَى مِنْهُ وَطَرَهُ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ نَفْعٌ وَاسْتَحَالَ إلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْخَبِيثَةِ الْمُنْتِنَةِ خَرَجَ بِسُهُولَةٍ مِنْ مَخْرَجِ مُعَدٍّ لِذَلِكَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ مَحَامِدِ اللَّهِ جَلَّ جَلَاله، اللَّهُمَّ أَوْزِعْنَا شُكْرَ نِعْمَتَكَ.

نيل الأوطار ،ج:1،ص:97ـ98.

Loading...