بَاب مَنْ أَمَّ قَوْمَا يَكْرَهُونَهُ:
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيُّ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُور، وَحَدِيث أَبِي أُمَامَةَ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَة: وَالْأَرْجَح هُنَا قَوْل التِّرْمِذِيِّ انْتَهَى. وَفِي إسْنَاده أَبُو غَالِبٍ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثه، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: ضَعِيف وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَسٍ عِنْد التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةً: رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةً بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا. سَاخِطٌ، وَرَجُلًا سَمِعَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ثُمَّ لَمْ يُجِبْ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيث أَنَسٍ لَا يَصِحّ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَفِي إسْنَاده أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: تَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَضَعَّفَهُ وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ، وَضَعَّفَ حَدِيث أَنَسٍ هُنَا أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ بَعْد ذِكْر رِوَايَة الْحَسَنِ لَهُ عَنْ أَنَسٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ دِلْهَمٌ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَرْفَعُهُ
وَفِي الْبَاب أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْد ابْنِ مَاجَهْ عَنْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا تَرْتَفِعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَاده حَسَن.
وَعَنْ طَلْحَةَ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِير قَالَ: سَمِعْت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ أُذُنَيْهِ» وَفِي إسْنَاده سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّلْحِيُّ. قَالَ فِيهِ أَبُو زُرْعَةَ: عَامَّة أَحَادِيثه لَا يُتَابِع عَلَيْهَا وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَان: صَاحِب مَنَاكِير وَقَدْ وُثِّقَ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدِ عِنْد الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ رُءُوسَهُمْ: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» الْحَدِيث، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْد ذِكْره: وَهَذَا إسْنَاد ضَعِيف. وَعَنْ سَلْمَانَ عِنْد ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّف بِنَحْوِ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَة الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ سَلْمَانَ وَلَمْ يَسْمَع مِنْهُ
وَأَحَادِيث الْبَاب يُقَوِّي بَعْضهَا بَعْضَا، فَيَنْتَهِضُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى تَحْرِيم أَنْ يَكُون الرَّجُل إمَامَا لِقَوْمٍ يَكْرَهُونَهُ. وَيَدُلّ عَلَى التَّحْرِيم. نَفْي قَبُول الصَّلَاة وَأَنَّهَا لَا تُجَاوِز آذَان الْمُصَلِّينَ وَلُعِنَ الْفَاعِل لِذَلِكَ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى التَّحْرِيم قَوْم وَإِلَى الْكَرَاهَة آخَرُونَ
وَقَدْ رَوَى الْعِرَاقِيُّ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْبَصْرِيِّ، وَقَدْ قَيَّدَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالْكَرَاهَةِ الدِّينِيَّة لِسَبَبٍ شَرْعِيِّ، فَأَمَّا الْكَرَاهَة لِغَيْرِ الدِّين فَلَا عِبْرَة بِهَا، وَقَيَّدُوهُ أَيْضًا بِأَنْ يَكُون الْكَارِهُونَ أَكْثَر الْمَأْمُومِينَ وَلَا اعْتِبَار بِكَرَاهَةِ الْوَاحِد وَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة إذَا كَانَ الْمُؤْتَمُّونَ جَمْعَا كَثِيرَا لَا إذَا كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة، فَإِنَّ كَرَاهَتهمْ أَوْ كَرَاهَة أَكْثَرهمْ مُعْتَبَرَة.
كتاب نيل الأوطار،ج:1،ص:210ـ211.