بَابٌ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ

بَابٌ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ

اللفظ / العبارة' بَابٌ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

[بَابٌ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ]

حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَفِي إسْنَادِهِ نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ شَيْخُ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ وُثِّقَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ: " أَنَّهَا احْتَجَبَتْ مِنْ أَعْمَى، فَقِيلَ لَهَا: إنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَيْكِ، قَالَتْ: لَكِنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ " وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ نَظَرُ الرَّجُلِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ نَظَرُ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْهَادَوِيَّةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] وَلِأَنَّ النِّسَاءَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْآدَمِيِّينَ فَحُرِّمَ عَلَيْهِنَّ النَّظَرُ إلَى النَّوْعِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الرِّجَالِ وَيُحَقِّقُهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُحَرِّمَ لِلنَّظَرِ هُوَ خَوْفُ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا فِي الْمَرْأَةِ أَبْلَغُ فَإِنَّهَا أَشَدُّ شَهْوَةً وَأَقَلُّ عَقْلًا، فَتُسَارِعُ إلَيْهَا الْفِتْنَةُ أَكْثَرَ مِنْ الرَّجُلِ. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَئِذٍ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ عَلَى مَا تَقْضِي بِهِ الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا احْتِجَابُهَا مِنْ الْأَعْمَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ صَغِيرَةً دُونَ الْبُلُوغِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قُدُومِ وَفْدِ الْحَبَشَةِ وَأَنَّ قُدُومَهُمْ كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ

وَلِعَائِشَةَ يَوْمَئِذٍ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ: إنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ» وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ مِنْهَا وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الِاجْتِمَاعِ فِي الْبَيْتِ وَالنَّظَرِ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي «مُضِيِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى النِّسَاءِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ فَذَكَّرَهُنَّ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّظَرَ مِنْهُنَّ إلَيْهِمَا لِإِمْكَانِ سَمَاعِ الْمَوْعِظَةِ وَدَفْعِ الصَّدَقَةِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ

وَقَدْ جَمَعَ أَبُو دَاوُد بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَجَعَلَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ مُخْتَصًّا بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدِيثَ فَاطِمَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِجَمِيعِ النِّسَاءِ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: قُلْت: وَهَذَا جَمْعٌ حَسَنٌ وَبِهِ جَمَعَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ وَاسْتَحْسَنَهُ.

شَيْخُنَا انْتَهَى. 

نيل الأوطار للشوكاني،ج6،ص:140إلى141.



Loading...