بَابُ النَّهْي عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَغْنَمُهُ الْغَانِمُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ إلَّا حَالَة الْحَرْبِ

بَابُ النَّهْي عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَغْنَمُهُ الْغَانِمُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ إلَّا حَالَة الْحَرْبِ

اللفظ / العبارة' بَابُ النَّهْي عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَغْنَمُهُ الْغَانِمُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ إلَّا حَالَة الْحَرْبِ
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

[بَابُ النَّهْي عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَغْنَمُهُ الْغَانِمُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ إلَّا حَالَة الْحَرْبِ]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَفِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَحَسَّنَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إسْنَادَهُ. وَقَالَ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَا بَأْسَ بِهِمْ.

وَالْحَدِيثُ الثَّانِي رَوَاهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَسَكَتَ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: إنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ انْتَهَى. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ أَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ " مَرَرْتُ فَإِذَا أَبُو جَهْلٍ صَرِيعٌ قَدْ ضُرِبَتْ رِجْلُهُ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ يَا أَبَا جَهْلٍ قَدْ أَخْزَى اللَّهُ الْآخِرَ، قَالَ: وَلَا أَهَابُهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَبْعَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفٍ غَيْرِ طَائِلٍ فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا حَتَّى سَقَطَ سَيْفُهُ مِنْ يَدِهِ فَضَرَبْتُهُ حَتَّى بَرَدَ " وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ النَّسَائِيّ مُخْتَصَرًا، وَقَوْلُهُ: " أَبْعَدُ مِنْ رَجُلٍ. . . إلَخْ " قَالَ الْخَطَّابِيِّ فِي الْمَعَالِمِ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ أَعْمَدُ بِالْمِيمِ بَعْدَ الْعَيْنِ كَلِمَةٌ لِلْعَرَبِ مَعْنَاهَا: هَلْ زَادَ عَلَى رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ يُهَوِّنُ عَلَى نَفْسِهِ مَا حَلَّ بِهَا انْتَهَى.

وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْغُلُولِ، وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَلَا يَحِلُّ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبًا مِنْهَا فَيَلْبَسُهُ حَتَّى يُخْلِقَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ أَوْ يَرْكَبَ دَابَّةً مِنْهَا حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِضْرَارِ بِسَائِرِ الْغَانِمِينَ وَالِاسْتِبْدَادِ بِمَا لَهُمْ فِيهِ نَصِيبٌ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُمْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ رُكُوبِ دَوَابِّهِمْ، يَعْنِي أَهْلَ الْحَرْبِ وَلُبْسِ ثِيَابِهِمْ وَاسْتِعْمَالِ سِلَاحِهِمْ حَالَ الْحَرْبِ، وَرَدِّ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَشَرَطَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيهِ إذْنَ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ كُلَّمَا فَرَغَتْ حَاجَتُهُ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِرَدِّهِ انْقِضَاءَ الْحَرْبِ لِئَلَّا يُعَرِّضَهُ لِلْهَلَاكِ.

قَالَ: وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ رُوَيْفِعٍ الْمَذْكُورُ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْآخِذُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ يَتَّقِي بِهِ دَابَّتَهُ أَوْ ثَوْبَهُ بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ثَوْبٌ وَلَا دَابَّةٌ. وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَا تَرْجَمَهُ فِي الْبَابِ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ الضَّرْبُ بِسَيْفِ أَبِي جَهْلٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ السِّلَاحِ الْمَغْنُومِ مَا دَامَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ فَنَفَّلَنِي بِسَلَبِهِ فِي بَابِ: إنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ.

نيل الأوطار،ج:7،ص:347ـ348.


Loading...