بَابُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

بَابُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

اللفظ / العبارة' بَابُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

[بَابُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ]

حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إخْرَاجِهِ: غَرِيبٌ اهـ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ نَحْوُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالْقَطَّانُ. لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْجَمَاعَةِ، سِوَى ابْنِ مَاجَهْ. قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ عُبَيْدَ الْجُنَيْدِيَّ وَهُوَ أَيْضًا ثِقَةٌ يَقُولُ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْحَدِيثُ، وَتَمَامُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد «وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا بُخِسَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، قِيلَ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إسْنَادِهِ دَاوُد بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْأَشْجَعِيُّ مَوْلَاهُمْ الْمَدَنِيُّ سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: لَا بَأْسَ بِهِ لَيْسَ بِالْمَتِينِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَيْضًا: وَقَدْ رَوَى عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ وَخَوَّاتَ بْنِ جُبَيْرٍ، وَحَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَجْوَدُهَا إسْنَادًا، فَإِنَّ النَّسَائِيّ رَوَاهُ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمُوصِلِيِّ وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ. وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بِكِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِهِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْلَمُ رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ عَنْ الضَّحَّاكِ وَأَسْنَدَهُ جَمَاعَةٌ عَنْهُ مِنْهُمْ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْمَدَنِيُّ انْتَهَى.

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَيْضًا: وَتَابَعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ وَهُوَ مِمَّنْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاحْتَجَّا بِهِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرْ التِّرْمِذِيُّ لَفْظَهُ إنَّمَا ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ ثُمَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي مُوسَى وَالْأَشَجِّ وَدَيْلَمٍ وَمَيْمُونَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَمُعَاوِيَةَ وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَقُرَّةَ الْمُزَنِيّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَبُرَيْدَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاوِيَةَ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ هُمَا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ كَمَا قَالَ. أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي إسْنَادِهِ إلَّا أَيُّوبُ بْنُ هَانِئٍ وَهُوَ صَدُوقٌ وَرُبَّمَا يُخْطِئُ، وَهُوَ بِلَفْظِ " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ". وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فَفِي إسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَلَفْظُهُ " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ " قَوْلُهُ: (النَّخْلَةُ وَالْعِنَبَةُ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد، يَعْنِي النَّخْلَةَ وَالْعِنَبَةَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الشَّجَرَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ فَيُحْمَلُ رِوَايَةُ مَنْ عَدَا أَبَا دَاوُد عَلَى الْإِدْرَاجِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا نَفْيُ الْخَمْرِيَّةِ عَنْ نَبِيذِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَدْ ذَكَرَ بَعْضَهَا الْمُصَنِّفُ كَمَا تَرَى، وَإِنَّمَا خَصَّ بِالذِّكْرِ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْخَمْرِ مِنْهُمَا، وَأَعْلَى الْخَمْرِ وَأَنْفَسُهُ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْهُمَا، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ: الْمَالُ الْإِبِلُ: أَيْ أَكْثَرُهُ وَأَعَمُّهُ، وَالْحَجُّ عَرَفَاتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَغَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ مَفْهُومَ الْخَمْرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِاللَّامِ مُعَارَضٌ بِالْمَنْطُوقَاتِ وَهِيَ أَرْجَحُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ: (وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ) أَيْ الشَّرَابُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُمَا.

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ هُوَ الْخَمْرُ» وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَظَاهِرُهُ الْحَصْرُ. قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنْ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كَانَ حِينَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ مَوْجُودًا. وَقِيلَ إنَّ مُرَادَ أَنَسٍ الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَصَّ اسْمَ الْخَمْرِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ. وَقِيلَ: مُرَادُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَمْرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْعِنَبِ، بَلْ يُشْرِكُهَا فِي التَّحْرِيمِ كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا أَظْهَرُ. قَالَ: وَالْمُجْمَعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا اشْتَدَّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ مُجَانِ أَهْلِ الْكَلَامِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِلْكَرَاهَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ مَجْهُولٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَائِلِهِ.

وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْحَرَامَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ. قَالَ: وَهَذَا عَظِيمٌ مِنْ الْقَوْلِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَوْلُ بِحِلِّ كُلِّ شَيْءٍ اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ وَاهِيًا. وَنَقَلَ الطَّحَاوِيَّ وَفِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ قَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا، وَالسُّكْرُ مِنْ غَيْرِهَا حَرَامٌ وَلَيْسَ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَالنَّبِيذُ الْمَطْبُوخُ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا بَأْسَ بِالنَّقِيعِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنْ غَلَا إلَّا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ، قَالَ: كَذَا حَكَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَأَحَبَّ إلَيَّ أَنْ لَا أَشْرَبَهُ وَلَا أُحَرِّمَهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَكْرَهُ نَقِيعَ التَّمْرِ وَنَقِيعَ الزَّبِيبِ إذَا غَلَا. قَالَ: وَنَقِيعُ الْعَسَلِ لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى. وَالْبُسْرُ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَمْرِ النَّخْلِ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ: (مِنْ فَضِيخِ) بِالْفَاءِ ثُمَّ مُعْجَمَتَيْنِ وَزْنُ عَظِيمٍ اسْمٌ لِلْبُسْرِ إذَا شَدَخَ وَنَبَذَ. وَأَمَّا الزَّهْوُ فَبِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بَعْدَهَا وَاوٌ، هُوَ الْبُسْرُ الَّذِي يَحْمَرُّ أَوْ يَصْفَرُّ قَبْلَ أَنْ يَتَرَطَّبَ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْفَضِيخُ عَلَى خَلِيطِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْبُسْرِ وَحْدَهُ وَعَلَى التَّمْرِ وَحْدَهَ قَوْلُهُ: (فَأَهْرِقْهَا) الْهَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَصْلُ أَرِقْهَا، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ بِالْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ مَعًا كَمَا وَقَعَ هُنَا وَهُوَ نَادِرٌ قَوْلُهُ: «وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ الْعِنَبِ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ أَصْحَابُ الْمَسَانِيدِ وَالْأَبْوَابِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ لِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُمْ حُكْمَ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ خَبَرُ صَحَابِيٍّ شَهِدَ التَّنْزِيلَ وَأَخْبَرَ عَنْ سَبَبٍ، وَقَدْ خَطَبَ بِهِ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إنْكَارُهُ، وَأَرَادَ عُمَرُ بِنُزُولِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ نُزُولَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] الْآيَةُ، فَأَرَادَ عُمَرُ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَمْرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ بَلْ يَتَنَاوَلُ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى.

وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ، وَفِي لَفْظٍ مِنْهُ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ الْخَمْرَ مِنْ الْعَصِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ» وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ: «الْخَمْرُ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ» بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ مِنْ الْحُبُوبِ مَعْرُوفَةٌ " قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ) أَيْ غَطَّاهُ أَوْ خَالَطَهُ فَلَمْ يَتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ مَجَازٌ، وَالْعَقْلُ: هُوَ آلَةُ التَّمْيِيزِ فَلِذَلِكَ حَرَّمَ مَا غَطَّاهُ أَوْ غَيَّرَهُ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَزُولُ الْإِدْرَاكُ الَّذِي طَلَبَهُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ لِيَقُومُوا بِحُقُوقِهِ. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: هَذَا تَعْرِيفٌ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا بِحَسَبِ الْعُرْفِ فَهُوَ مَا يُخَامِرُ الْعَقْلَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ خَاصَّةً

قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عُمَرَ لَيْسَ فِي مَقَامِ تَعْرِيفِ اللُّغَةِ، بَلْ هُوَ فِي مَقَامِ تَعْرِيفِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْخَمْرُ الَّذِي وَقَعَ تَحْرِيمُهُ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ: هُوَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، عَلَى أَنَّ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اخْتِلَافَا فِي ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْتُهُ، وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْخَمْرَ فِي اللُّغَةِ يَخْتَصُّ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ فَالِاعْتِبَارُ بِالْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ الْمُسْكِرَ مِنْ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يُسَمَّى خَمْرًا، وَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةُ وَالْعِنَبَةُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقَدْ جَعَلَ الطَّحَاوِيَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ الْحَصْرَ فِي الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ الْخَمْرُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الْحَافِظُ: إنَّهُ يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى إرَادَةِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُتَّخَذُ الْخَمْرُ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ عُمَرَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى إرَادَةِ اسْتِيعَابِ ذِكْرِ مَا عُهِدَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ. قَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ: سُمِّيَ الْخَمْرُ لِكَوْنِهِ خَامِرًا لِلْعَقْلِ: أَيْ سَاتِرًا لَهُ، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ خَاصَّةً، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ، وَرُجِّحَ أَنَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ سَتَرَ الْعَقْلِ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْهُمْ الدِّينَوَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ.

وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: سُمِّيَتْ الْخَمْرُ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى اخْتَمَرَتْ وَاخْتِمَارُهَا تَغَيُّرُ رَائِحَتِهَا. وَيُقَالُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْلَ، نَعَمْ جَزَمَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ أَنَّ الْخَمْرَ حَقِيقَةٌ إنَّمَا هُوَ لِلْعِنَبِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ يُسَمَّى خَمْرًا مَجَازًا. وَقَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ فِي حَدِيثِ «إيَّاكُمْ وَالْغُبَيْرَاءَ فَإِنَّهَا خَمْرُ الْعَالَمِ» هِيَ نَبِيذُ الْحَبَشَةِ تُتَّخَذُ مِنْ الذُّرَةِ، سُمِّيَتْ الْغُبَيْرَاءُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْغَبَرَةِ وَقَالَ: خَمْرُ الْعَالَمِ: أَيْ هِيَ مِثْلُ خَمْرِ الْعَالَمِ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهَا مُعْظَمُ خَمْرِ الْعَالَمِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: الْخَمْرُ مَا اُعْتُصِرَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا اشْتَدَّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ.

قَالَ: وَقِيلَ هُوَ اسْمُ لِكُلِّ مُسْكِرٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» وَلِأَنَّهُ مِنْ مُخَامَرَةِ الْعَقْلِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مُسْكِرٍ. قَالَ: وَلَنَا إطْبَاقُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى تَخْصِيصِ الْخَمْرِ بِالْعِنَبِ، وَلِهَذَا اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ قَطْعِيٌّ، وَتَحْرِيمَ مَا عَدَا الْمُتَّخَذَ مِنْ الْعِنَبِ ظَنِّيٌّ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُسَمَّى الْخَمْرُ خَمْرًا لِتَخَمُّرِهِ لَا لِمُخَامَرَةِ الْعَقْلِ. قَالَ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُ الِاسْمِ خَاصًّا فِيهِ كَمَا فِي النَّجْمِ فَإِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الظُّهُورِ ثُمَّ هُوَ خَاصٌّ بِالثُّرَيَّا انْتَهَى.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْجَوَابُ عَنْ الْحُجَّةِ الْأُولَى ثُبُوتُ النَّقْلِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ يُسَمَّى خَمْرًا قَالَ الْخَطَّابِيِّ: زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ الْخَمْرَ إلَّا مِنْ الْعِنَبِ فَيُقَالُ لَهُمْ: أَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ سَمَّوْا غَيْرَ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ خَمْرًا عَرَبٌ فُصَحَاءُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْمُ صَحِيحًا لَمَا أَطْلَقُوهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْخَمْرُ مِنْ الْعِنَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] قَالُوا: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ هُوَ مَا يُعْصَرُ لَا مَا يُنْبَذُ، قَالَ: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الْحَصْرِ. قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَسَائِرُ الْحِجَازِيِّينَ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا اُتُّخِذَ مِنْ الْعِنَبِ.

وَمِنْ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَمَّا نَزَلَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَهُمْ الصَّحَابَةُ وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَمَّى خَمْرًا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ، وَلَمْ يَخُصُّوا ذَلِكَ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ. وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَإِذَا ثَبَتَ تَسْمِيَةُ كُلِّ مُسْكِرٍ خَمْرًا مِنْ الشَّرْعِ كَانَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْحُجَّةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ اخْتِلَافَ مُشْتَرِكَيْنِ فِي الْحُكْمِ لَا يَلْزَمُ افْتِرَاقُهُمَا مِنْهُ فِي التَّسْمِيَةِ كَالزِّنَا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً وَعَلَى مَنْ وَطِئَ امْرَأَةَ جَارِهِ. وَالثَّانِي أَغْلَظُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَعَلَى مَنْ وَطِئَ مَحْرَمًا لَهُ وَهُوَ أَغْلَظَ مِنْهُمَا، وَاسْمُ الزِّنَا مَعَ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ. وَأَيْضًا فَالْأَحْكَامُ الْفَرْعِيَّةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا الْأَدِلَّةُ الْقَطْعِيَّةُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ بِتَحْرِيمِ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ وَعَدَمِ الْقَطْعِ بِتَحْرِيمِ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ حَرَامًا بَلْ يُحْكَمُ بِتَحْرِيمِهِ وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ خَمْرًا. وَعَنْ الثَّالِثَةِ ثُبُوتُ النَّقْلِ عَنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ كَمَا فِي قَوْلِ عُمَرَ: الْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَكَانَ مُسْتَنَدُهُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ اتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَيُحْمَلُ قَوْلُ عُمَرَ عَلَى الْمَجَازِ، لَكِنْ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ خَمْرًا، فَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: لِأَنَّهَا تُخَامِرُ الْعَقْلَ: أَيْ تُخَالِطُهُ.

وَقِيلَ لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الْعَقْلَ: أَيْ تَسْتُرُهُ، وَمِنْهُ خِمَارُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ وَجْهَهَا، وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُخَالَطَةِ التَّغْطِيَةُ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ خَمْرًا لِأَنَّهَا تُخَمَّرُ: أَيْ تُتْرَكُ كَمَا يُقَالُ خَمَّرْتُ الْعَجِينَ: أَيْ تَرَكْتُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لِثُبُوتِهَا عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللِّسَانِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْأَوْجُهُ كُلُّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْخَمْرِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ عَلَى صِحَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا تُبْطِلُ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْعِنَبِ، وَمَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا تُسَمَّى خَمْرًا وَلَا يَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْخَمْرِ، وَهُوَ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلُغَةِ الْعَرَبِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَلِلصَّحَابَةِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَهِمُوا مِنْ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ تَحْرِيمَ كُلِّ مُسْكِرٍ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ وَبَيْنَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا وَحَرَّمُوا كُلَّ نَوْعٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتَوَقَّفُوا وَلَا اسْتَفْصَلُوا وَلَا يُشْكَلُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ بَادَرُوا إلَى إتْلَافِ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ وَبِلُغَتِهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ فِيهِ تَرَدُّدٌ لَتَوَقَّفُوا عَنْ الْإِرَاقَةِ حَتَّى يَسْتَكْشِفُوا وَيَسْتَفْصِلُوا وَيَتَحَقَّقُوا التَّحْرِيمَ لِمَا كَانَ قَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ النَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بَلْ بَادَرُوا إلَى إتْلَافِ الْجَمِيعِ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ فَهِمُوا التَّحْرِيمَ ثُمَّ انْضَافَ إلَى ذَلِكَ خُطْبَةُ عُمَرَ بِمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَقَدْ ذَهَبَ إلَى التَّعْمِيمِ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعُمَرُ وَسَعْدٌ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ، وَمِنْ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَآخَرُونَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ حَقِيقَةً يَكُونُ أَرَادَ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَمَنْ نَفَى أَرَادَ الْحَقِيقَةَ اللُّغَوِيَّةَ. وَقَدْ أَجَابَ بِهَذَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. قَالَ: أَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْمِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ.

وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ نُزُولَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ الْبُسْرِ إذْ ذَاكَ فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ أَنَّ الْخَمْرَ حَقِيقَةٌ فِي مَاءِ الْعِنَبِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ أَنْ يُجَوِّزَ إطْلَاقَ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا بَلَغَهُمْ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ أَرَاقُوا كُلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْخَمْرِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا وَهُوَ لَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ، فَصَحَّ أَنَّ الْكُلَّ خَمْرٌ حَقِيقَةً وَلَا انْفِكَاكَ عَنْ ذَلِكَ. وَعَلَى تَقْدِيرِ إرْخَاءِ الْعَنَانِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنَّ الْخَمْرَ حَقِيقَةً فِي مَاءِ الْعِنَبِ خَاصَّةً، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ فَالْكُلُّ خَمْرٌ حَقِيقَةً لِحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» فَكُلُّ مَا اشْتَدَّ كَانَ خَمْرًا، وَكُلُّ خَمْرٍ يُحَرَّمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّمَا عَدَّ عُمَرُ الْخَمْسَةَ الْمَذْكُورَةَ لِاشْتِهَارِ أَسْمَائِهَا فِي زَمَانِهِ وَلَمْ تَكُنْ كُلُّهَا تُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ الْوُجُودَ الْعَامَّ فَإِنَّ الْحِنْطَةَ كَانَتْ بِهَا عَزِيزَةٌ وَكَذَا الْعَسَلُ بَلْ كَانَ أَعَزَّ فَعَدَّ عُمَرُ مَا عُرِفَ مِنْهَا وَجَعَلَ مَا فِي مَعْنَاهُ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْأُرْزِ وَغَيْرِهِ خَمْرًا إنْ كَانَ مِمَّا يُخَامِرُ الْعَقْلَ.

وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إحْدَاثِ الِاسْمِ بِالْقِيَاسِ وَأَخْذَهُ مِنْ طَرِيقِ الِاشْتِقَاقِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ بَعْضَ الْكُوفِيِّينَ احْتَجَّ بِمَا خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو بِسَنَدٍ جَيِّدٍ.

قَالَ: أَمَّا الْخَمْرُ فَحَرَامٌ لَا سَبِيلَ إلَيْهَا. وَأَمَّا مَا عَدَاهَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. قَالَ: وَجَوَابُهُ إنْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ " فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ خَمْرًا انْحِصَارُ اسْمِ الْخَمْرِ فِيهِ، وَكَذَا احْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو أَيْضًا «حُرِّمَتْ الْخَمْرُ وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْءٌ» مُرَادُهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يُسَمَّى خَمْرًا قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ) هَذَانِ مِمَّا وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُطْبَخْ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ قَوْلُهُ: (وَالْعَسَلِ) هُوَ الَّذِي يُسَمَّى الْبِتْعُ: وَهُوَ خَمْرُ أَهْلِ الْيَمَنِ قَوْلُهُ: (وَالشَّعِيرِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا لُغَةٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمِزْرِ، زَادَ أَبُو دَاوُد " وَالذُّرَةِ " وَهِيَ بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا سَبَقَ وَلَامُهَا مَحْذُوفَةٌ، وَالْأَصْلُ ذَرْوٌ أَوْ ذُرًى فَحُذِفَتْ لَامُ الْكَلِمَةِ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْهَاءُ قَوْلُهُ: (عَنْ الْبِتْعِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ) هَذَا حُجَّةٌ لِلْقَائِلِينَ بِالتَّعْمِيمِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ خَمْرِ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَأَلَهُ السَّائِلُ عَنْ الْبِتْعِ قَالَ: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ الشَّرَابِ وَهُوَ الْبِتْعُ، وَدَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يُسَمَّى شَرَابًا مُسْكِرًا مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ.

فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: إنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ " يَعْنِي بِهِ الْجُزْءَ الَّذِي يَحْدُثُ عَقِبَهُ السُّكْرُ فَهُوَ حَرَامٌ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ فَيَقْتَضِي أَنْ يَرْجِعَ التَّحْرِيمُ إلَى الْجِنْسِ كُلِّهِ كَمَا يُقَالُ هَذَا الطَّعَامُ مُشْبِعٌ وَالْمَاءُ مُرْوٍ، يُرِيدُ بِهِ الْجِنْسَ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْفِعْلَ، فَاللُّقْمَةُ تُشْبِعُ الْعُصْفُورَ وَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا يُشْبِعُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْعُصْفُورِ، وَكَذَلِكَ جِنْسُ الْمَاءِ يَرْوِي الْحَيَوَانَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ فَكَذَلِكَ النَّبِيذُ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْ الشَّرْبَةِ الَّتِي يَعْقُبُهَا السُّكْرُ أَهِيَ الَّتِي أَسْكَرَتْ صَاحِبَهَا دُونَ مَا تَقَدَّمَهَا مِنْ الشَّرَابِ أَمْ أَسْكَرَتْ بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَأَخَذَتْ كُلُّ شَرْبَةٍ بِحَظِّهَا مِنْ الْإِسْكَارِ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا أَحْدَثَ لَهُ السُّكْرَ الشَّرْبَةُ الْآخِرَةُ الَّتِي وُجِدَ خَبَلُ الْعَقْلِ عَقِبَهَا، قِيلَ لَهُمْ: وَهَلْ هَذِهِ الَّتِي أَحْدَثَتْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا كَبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الشَّرَبَاتِ قَبْلَهَا فِي أَنَّهَا لَوْ انْفَرَدَتْ دُونَ مَا قَبْلَهَا كَانَتْ غَيْرَ مُسْكِرَةٍ وَحْدَهَا، وَأَنَّهَا إنَّمَا أَسْكَرَتْ بِاجْتِمَاعِهَا وَاجْتِمَاعِ عَمَلِهَا فَحَدَثَ عَنْ جَمِيعِهَا السُّكْرُ قَوْلُهُ: (وَالْمِزْرُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا زَايٌ ثُمَّ رَاءٌ قَوْلُهُ: (مِنْ جَيْشَانَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالنُّونِ وَهُوَ جَيْشَانُ بْنُ عِيدَانِ بْنِ حُجْرٌ بْنِ ذِي رُعَيْنٍ قَالَهُ فِي الْجَامِعِ قَوْلُهُ: (مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْمُخَفَّفَةِ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْخَبَالُ فِي الْأَصْلِ: الْفَسَادُ وَهُوَ يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَبَدَانِ وَالْعُقُولِ. وَالْخَبَلُ بِالتَّسْكِينِ: الْفَسَادُ.

٣٧٠٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ) .

٣٧٠٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ وَلِأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ سَوَاءٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَكَذَا لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَكَذَلِكَ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) .

٣٧٠٥ - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ) .

٣٧٠٦ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ قَوْمٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَنْبُذُ النَّبِيذَ فَنَشْرَبَهُ عَلَى غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا، فَقَالَ اشْرَبُوا فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَكْسِرُهُ بِالْمَاءِ، فَقَالَ: حَرَامٌ قَلِيلُ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .

٣٧٠٧ - (وَعَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءَ، وَلَا فِي الْمُزَفَّتِ، وَلَا فِي النَّقِيرِ، وَلَا فِي الْجِرَارِ، وَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

نيل الأوطار،ج:8،ص:199إلى206.

Loading...