بَاب الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ

بَاب الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ

اللفظ / العبارة' بَاب الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

[بَاب الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ]

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَوَّلُ قَدْ أَخْرَجَهُ مَا يَشْهَدُ لَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ قَيْسٍ الْغِفَارِيِّ مَرْفُوعًا.

وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ إمَارَةِ السُّفَهَاءِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَمِثْلُهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا، وَفِي إسْنَادِهِ النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. قَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: تَفَرَّدَ بِهِ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَرُوَاتُهُ مَرَاوِزَةٌ قَالَ الْحَافِظُ: لَهُ طُرُقٌ غَيْرُ هَذِهِ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّانِي سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ أَئِمَّةٌ أَكْثَرُهُمْ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ. وَزَادَ أَبُو دَاوُد «وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ» وَحَدِيثُ أَنَسٍ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «أَطِيعُوا السُّلْطَانَ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا كَالزَّبِيبَةِ» قَوْلُهُ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ وَلَا يَحِلُّ لِقَوْمٍ تَوْلِيَتُهَا لِأَنَّ تَجَنُّبَ الْأَمْرِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ الْفَلَاحِ وَاجِبٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي الْقَاضِي إلَّا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَثْنَوْا الْحُدُودَ، وَأَطْلَقَ ابْنُ جَرِيرٍ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ، وَرَأْيُ الْمَرْأَةِ نَاقِصٌ وَلَا كَمَالَ سِيَّمَا فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ

وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: " رَجُلٌ وَرَجُلٌ " فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى خُرُوجِ الْمَرْأَةِ قَوْلُهُ: (وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ قَاضِيًا، قَالَ فِي الْبَحْرِ: إجْمَاعًا

وَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّعَوُّذِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ لَعَلَّهُ لِمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ، مِنْهَا قَتْلُ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوَقْعَةُ الْحَرَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَقَعَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ قَوْلُهُ: (الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ. . . إلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْظَمُ وَازِعٍ لِلْجَهَلَةِ عَنْ الدُّخُولِ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ الَّذِي يَنْتَهِي بِالْجَاهِلِ وَالْجَائِرِ إلَى النَّارِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا صَنَعَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ مَا صَنَعَهُ مَنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَعَايِشُ فَزَجَّ بِنَفْسِهِ فِي الْقَضَاءِ لِيَنَالَ مِنْ إلَّا كَحَالِ مَنْ قَالَ فِيهِ مَنْ قَالَ:

كَبَهِيمَةٍ عَمْيَاءَ قَادَ زِمَامَهَا ... أَعْمَى عَلَى عِوَجِ الطَّرِيقِ الْحَائِرِ

قَوْلُهُ: (لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ. . . إلَخْ) فِي هَذَا النَّهْيِ بَعْدَ إمْحَاضِ النُّصْحِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي " إرْشَادٌ لِلْعِبَادِ إلَى تَرْكِ تَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الْإِمَارَةِ مَعَ الضَّعْفِ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الَّتِي يَصْدُقُ عَلَى صَاحِبِهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ فِيهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا كَلَامَ النَّوَوِيِّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ الْحِرْصِ عَلَى الْإِمَارَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَنْسُوبٌ إلَى الْحَبَشَةِ قَوْلُهُ: (كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) هِيَ وَاحِدَةُ الزَّبِيبِ الْمَأْكُولِ الْمَعْرُوفِ الْكَائِنِ مِنْ الْعِنَبِ إذَا جَفَّ، وَإِنَّمَا شَبَّهَ رَأْسَ الْعَبْدِ بِالزَّبِيبَةِ لِتَجَمُّعِهَا وَلِكَوْنِ شَعْرِهِ أَسْوَدَ وَهُوَ تَمْثِيلٌ فِي الْحَقَارَةِ وَبَشَاعَةِ الصُّورَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا

وَقَدْ حَكَى الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ الْمُهَلِّبِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الطَّاعَةُ لِلْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ إمَامًا قُرَشِيًّا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي قُرَيْشٍ. قَالَ: وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الْعَبِيدِ. وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَاضِيًا. وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنْ لَا يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَاضِيًا.

نيل الأوطار،ج:7،ص:304إلى306.

Loading...