الأمر الثاني: وهو العدل، واجتناب الظلم فى المعاملة، ونعنى بالظلم ما يتضرر به الغير، وهو ينقسم إلى ما يعم ضرره وما يخص.
الأول: الاحتكار، وهو منهي عنه لما فيه من غلاء السعر وتضييق الأقوات على الناس.
وصفته: أن يستكثر من ابتياع الغلات فى الغلاء، ويتربص بها زيادة الأسعار، فأما إذا دخلت له غلة من ضيعته وحبسها، فليس محتكراً، وكذلك إذا كان الشراء فى حال الاتساع والرخص على صفة لا يضيق على الناس، وفى الجملة تكره التجارة فى القوت، لأنه قوام الآدمي.
القسم الثاني: ما يخص ضرره، نحو أن يثنى على السلعة بما ليس فيها، أو يكتم بعض عيوبها فيضر بذلك المشترى. وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم:"من غشنا ليس منا"(١).
ومنع محمد وزفر وغير الحنفية إزالة النجاسة بالمائعات (١)؛ لأن طهورية الماء عرفت شرعاً، وأقر الشرع التطهير بالماء دون غيره، فلا يلحق به غيره.
وتجوز الطهارة بماء خالطه شيء طاهر، فغيَّر أحد أوصافه (٢)، كماء السيل (المَدّ) والماء الذي يختلط به الأشنان والصابون والزعفران، ما دام باقياً على رقته وسيلانه، لأن اسم الماء باق فيه، ولا يمكن الاحتراز عن هذه الأشياء التي تختلط بالماء، كالتراب والأوراق والأشجار، فإن صار الطين غالباً، وماء الصابون أو الأشنان ثخيناً، وماء الزعفران صبْغاً، لا تجوز به الطهارة.
٣ ً - الدلك: وهو مسح المتنجس على الأرض مسحاً قوياً بحيث يزول به أثر أو عين النجاسة. ومثل الدلك: الحت: وهو القشر بالعود أو باليد. وبه يطهر الخف والنعل المتنجس بنجاسة ذات جِرْم، سواء أكانت جافة أم رطبة،. والجِرْم: كل ما يرى بعد الجفاف كالغائط والروث والدم والمني والبول والخمر الذي أصابه تراب. ويلاحظ أن شمول الجرم الرطب هو الأصح المختار، وعليه الفتوى، لعموم البلوى، ولإطلاق حديث النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأى خَبَثاً (أذى أو قذراً)، فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما» (٣).
(١) القوانين الفقهية: ص٣٥، بداية المجتهد: ٨٠/ ١، المغني: ١١/ ١، مغني المحتاج: ١٧/ ١. (٢) فإن غير اثنين أو ثلاثة لايجوز التوضؤ به، لكن الصحيح أنه يجوز التوضؤ به وإن غير أوصافه كلها. (٣) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري، واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم في العلل الموصول (نيل الأوطار: ٤٤/ ١).
(١) وأخرجه مسلم في "صحيحه" أيضاً (١٠٢) بلفظ "من غش ليس مني".