جعل القدر حجة لأهل الذنوب من الشرك

جعل القدر حجة لأهل الذنوب من الشرك

اللفظ / العبارة' جعل القدر حجة لأهل الذنوب من الشرك
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

[جعل القدر حجة لأهل الذنوب من الشرك]

ومن ظن أن القدر حجة لأهل الذنوب فهو من جنس المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} .

قال الله تعالى ردا عليهم: {كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون * قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} .

ولو كان القدر حجة لأحد لم يعذب الله المكذبين للرسل، كقوم نوح وعاد وثمود والمؤتفكات، وقوم فرعون، ولم يأمر بإقامة الحدود على المعتدين، ولا يحتج أحد بالقدر إلا إذا كان متبعا لهواه بغير هدى من الله، ومن رأى القدر حجة لأهل الذنوب يرفع عنهم الذم والعقاب، فعليه أن لا يذم أحدا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه، بل يستوي عنده ما يوجب اللذة وما يوجب الألم، فلا يفرق بين من يفعل معه خيرا وبين من يفعل معه شرا، وهذا ممتنع طبعا وعقلا وشرعا.

وقد قال تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} ، وقال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} وقال تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} ، وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} ، وقال تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى.

[حديث: " احتج آدم وموسى" ... تخريج الحديث وشرحه]

حديث: احتج آدم وموسى ...

تخريج الحديث وشرحه

وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «احتج آدم وموسى، قال موسى: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، وكتب لك التوراة بيده؟ فبكم وجدت مكتوبا علي قبل أن أخلق: {وعصى آدم ربه فغوى} ؟ قال: بأربعين سنة؟ قال: فلم تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن أخلق بأربعين سنة؟ قال: فحج آدم موسى» أي غلبه بالحجة.

وهذا الحديث ضلت فيه طائفتان: طائفة كذبت له لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى الله لأجل القدر، وطائفة شر من هؤلاء جعلوه حجة.

وقد يقولون القدر حجة لأهل الحقيقة الذين شهدوه، أو الذين لا يرون أن لهم فعلا، ومن الناس من قال: إنما حج آدم موسى لأنه أبوه، أو لأنه قد تاب، أو لأن الذنب كان في شريعة واللوم في أخرى، أو لأن هذا يكون في الدنيا دون الأخرى، وكل هذا باطل.

الفرقان،ص:133إلى135.

Loading...