هل طهارة التيمم ترفع الحدث؟

هل طهارة التيمم ترفع الحدث؟

اللفظ / العبارة' هل طهارة التيمم ترفع الحدث؟
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي مختلف فيه
القسم المناهي العملية
المحتوى

[مَسْأَلَة التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بُنَيَّة]

(٣٥٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَنْوِي بِهِ الْمَكْتُوبَةَ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ، غَيْرَ مَا حُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ. وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إيجَابِ النِّيَّةِ فِيهِ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْوُضُوءِ، وَيَنْوِي اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ. فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، بَلْ مَتَى وَجَدَهُ أَعَادَ الطَّهَارَةَ، جُنُبًا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ يُبِيحُ الصَّلَاةَ، فَيَرْفَعُ الْحَدَثَ، كَطَهَارَةِ الْمَاءِ.

وَلَنَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ التَّيَمُّمِ، إنْ كَانَ جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا، أَوْ امْرَأَةً حَائِضًا، وَلَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ لَاسْتَوَى الْجَمِيعُ؛ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْوِجْدَانِ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، فَلَمْ تَرْفَعْ الْحَدَثَ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَاءَ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ فَرِيضَةً، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، سَوَاءٌ نَوَى فَرِيضَةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُطْلَقَةً. فَإِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ صَلَاةً مُطْلَقَةً، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ إلَّا نَافِلَةً. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ يَصِحُّ بِهَا النَّفَلُ، فَصَحَّ بِهَا الْفَرْضُ، كَطَهَارَةِ الْمَاءِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . وَهَذَا لَمْ يَنْوِي الْفَرْضَ، فَلَا يَكُونُ لَهُ، وَفَارَقَ طَهَارَةَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ الْمَانِعَ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ، فَيُبَاحُ لَهُ جَمِيعُ مَا يَمْنَعُهُ الْحَدَثُ.

المغني ،ج:1،ص:185.

Loading...