[مَسْأَلَة يُدِيرَ الْمُؤَذِّن وَجْهِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ عِنْد الْحَيْعَلَتَيْنِ]
(٥٩٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَيُدِيرُ وَجْهَهُ عَلَى يَمِينِهِ إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَى يَسَارِهِ إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. وَلَا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ) الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ فَإِنَّ مُؤَذِّنِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يُؤَذِّنُونَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدِيرَ وَجْهَهُ عَلَى يَمِينِهِ، إذَا قَالَ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " وَعَلَى يَسَارِهِ، إذَا قَالَ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ". وَلَا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي الْتِفَاتِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو جُحَيْفَةَ، قَالَ: رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ، وَأَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَا هُنَا وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، فَخَرَجَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ، فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ لَا يَسْتَدِيرُ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ فَوْقَ الْمَنَارَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا، عَنْ أَحْمَدَ، فِيمَنْ أَذَّنَ فِي الْمَنَارَةِ رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا، لَا يَدُورُ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ، فَكُرِهَ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَالثَّانِيَةُ، يَدُورُ فِي مَجَالِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِعْلَامُ بِدُونِهِ، وَتَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ بِالْإِخْلَالِ بِأَدَبٍ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَلَوْ أَخَلَّ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَوْ مَشَى فِي أَذَانِهِ، لَمْ يَبْطُلْ، فَإِنَّ الْخُطْبَةَ آكَدُ مِنْ الْأَذَانِ، وَلَا تَبْطُلُ بِهَذَا.
وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَهُوَ يَمْشِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَمْرُ الْأَذَانِ عِنْدِي سَهْلٌ. وَسُئِلَ عَنْ الْمُؤَذِّنِ يَمْشِي وَهُوَ يُقِيمُ قَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَفْرُغَ ثُمَّ يَمْشِي. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: وَفِي الْمُسَافِرِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ.
المغني،ج:1،ص:309.