حكم الابتداء فِي أَوْقَات النَّهْي عَنْ الصَّلَاة بِتَطَوُّعِ

حكم الابتداء فِي أَوْقَات النَّهْي عَنْ الصَّلَاة بِتَطَوُّعِ

اللفظ / العبارة' حكم الابتداء فِي أَوْقَات النَّهْي عَنْ الصَّلَاة بِتَطَوُّعِ
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

[مَسْأَلَةَ لَا يَبْتَدِئُ فِي أَوْقَات النَّهْي عَنْ الصَّلَاة بِتَطَوُّعِ]

(١٠٢٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَبْتَدِئُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَلَاةً يَتَطَوَّعُ بِهَا) . لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ غَيْرَ ذَاتِ سَبَبٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالزُّبَيْرِ، وَابْنِهِ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَفَعَلَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُمَرُ، وَابْنُ مَيْمُونٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَشُرَيْحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ، وَأَبُو بُرْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ.

وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَفْعَلُهُ وَلَا نَعِيبُ فَاعِلَهُ. وَذَلِكَ لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ» . وَقَوْلُهَا: وَهِمَ عُمَرُ، إنَّمَا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُتَحَرَّى طُلُوعُ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبُهَا» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَقَوْلُ عَلِيٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» . وَلَنَا، الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ، وَرَوَى أَبُو بَصْرَةَ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْعَصْرِ بِالْمُخَمَّصِ، فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَا خَاصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ؛ فَقَدْ رَوَى عَنْهَا ذَكْوَانُ مَوْلَاهَا، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَنْهَى عَنْهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا، أَوْ نَسِيَهُمَا، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْته يُصَلِّيهِمَا، وَقَالَ: يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، إنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا فَعَلَهُ لِسَبَبٍ، وَهُوَ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْ السُّنَّةِ، وَأَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُمَا، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَنَهْيِهِ غَيْرَهُ، وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ، فَإِنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ.

المغني،ج:2،ص:87ـ88.

Loading...