وَمن الْبدع الذميمة والجهالات الوخيمة، أَن ألوفا من النَّاس لَا يقصدون من الْحَج إِلَّا زِيَارَة قبر النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَوضع أَيْديهم على شباكه، وإنني لأعْلم أَن كثيراُ مِمَّن يحجون لَو شعروا أَن زِيَارَة الْقَبْر النَّبَوِيّ ممتنعة تِلْكَ السّنة مثلا - لرجعوا من فورهم لأَنهم يرَوْنَ أَن الْحَج هُوَ زِيَادَة قَبره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَو أَن الْحَج لَا يقبل أَو لَا يتم إِلَّا بذلك، وَإِن هَذَا لَهو الْبلَاء الْعَظِيم وَالْجهل الوخيم. أَلا فاعلموا أَيهَا الْمُسلمُونَ أَن أَرْكَان الْحَج خَمْسَة: الْإِحْرَام، وَالْوُقُوف بِعَرَفَة، وَالطّواف، وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَحلق الرَّأْس أَو التَّقْصِير. وأركان الْعمرَة أَرْبَعَة: الْإِحْرَام، وَالطّواف، وَالسَّعْي، وَالْحلق أَو التَّقْصِير، فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر، فَأدى هَذِه الْأَركان فقد تمّ حجه وعمرته.
أما زِيَارَة قَبره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَسنة مُسْتَحبَّة مُسْتَقلَّة يُؤَدِّيهَا الْمُسلم فِي أَي زمَان شَاءَ، سَوَاء أَكَانَ فِي أَيَّام الْحَج أَو غَيرهَا، على أَن لَا يقْصد السّفر إِلَّا للصَّلَاة فِي الْمَسْجِد.
ثمَّ اعْلَم أَن كل حَدِيث ورد فِي فضل زِيَارَة قَبره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فواه أَو مَوْضُوع. وَإِنَّمَا الصَّحِيح " لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام، وَمَسْجِد النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى " فَإِذا دخل الْإِنْسَان مَسْجِد الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سنّ لَهُ أَن يُصَلِّي فِيهِ، ثمَّ يزور الْقَبْر الْمُعظم.
كتاب السنن والمبتدعات ص 166.