[مَسْأَلَةٌ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسَاءِ]
(١١٤٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ صَلَّتْ امْرَأَةٌ بِالنِّسَاءِ قَامَتْ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ وَسَطًا) . اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ، هَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ بِالنِّسَاءِ جَمَاعَةً؟ فَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَؤُمُّ النِّسَاءَ عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَعَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَكَرِهَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَإِنْ فَعَلَتْ أَجْزَأَهُنَّ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ: لَهُنَّ ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْمَكْتُوبَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: لَا تَؤُمُّ فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ أَحَدًا، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهَا الْأَذَانُ، وَهُوَ دُعَاءٌ إلَى الْجَمَاعَةِ، فَكُرِهَ لَهَا مَا يُرَادُ الْأَذَانُ لَهُ.
وَلَنَا حَدِيثُ أُمِّ وَرَقَةَ وَلِأَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ، فَأَشْبَهْنَ الرِّجَالَ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لَهُنَّ الْأَذَانُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَلَسْنَ مِنْ أَهْلِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهَا إذَا صَلَّتْ بِهِنَّ قَامَتْ فِي وَسَطِهِنَّ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ مَنْ رَأَى لَهَا أَنْ تَؤُمَّهُنَّ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ يُسْتَحَبُّ لَهَا التَّسَتُّرُ، وَلِذَلِكَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا التَّجَافِي، وَكَوْنُهَا فِي وَسَطِ الصَّفِّ أَسْتَرُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَتِرُ بِهِنَّ مِنْ جَانِبَيْهَا، فَاسْتُحِبَّ لَهَا ذَلِكَ كَالْعُرْيَانِ، فَإِنْ صَلَّتْ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ احْتَمَلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَوْقِفٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِهَذَا كَانَ مَوْقِفًا لِلرَّجُلِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ مَوْقِفَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَفَ الرَّجُلُ مَوْقِفَهُ.
المغني ،ج:2،ص: 148ـ149.