[مَسْأَلَةٌ يُضَفَّر شَعْر الْمَيِّتَة ثَلَاثَة قُرُون وَيَسْدُل مِنْ خَلْفهَا]
(١٥٣٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُضَفَّرُ شَعْرُهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَيُسْدَلُ مِنْ خَلْفِهَا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ شَعْرَ الْمَيِّتَةِ يُغْسَلُ، وَإِنْ كَانَ مَعْقُوصًا نُقِضَ، ثُمَّ غُسِلَ، ثُمَّ ضُفِّرَ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، قَرْنَيْهَا، وَنَاصِيَتَهَا، وَيُلْقَى مِنْ خَلْفِهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُضَفَّرُ، وَلَكِنْ يُرْسَلُ مَعَ خَدَّيْهَا، مِنْ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسَلُ عَلَيْهِ الْخِمَارُ؛ لِأَنَّ ضُفْرَهُ يَحْتَاجُ إلَى تَسْرِيحِهَا، فَيَنْقَطِعُ، شَعْرُهَا وَيُنْتَفُ. وَلَنَا، مَا رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «ضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفهَا. يَعْنِي بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: فَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ؛ قَرْنَيْهَا، وَنَاصِيَتَهَا. وَلِلْبُخَارِيِّ: جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَقَضْنَهُ، ثُمَّ غَسَلْنَهُ، ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. وَإِنَّمَا غَسَلْنَهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَعْلِيمِهِ.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاضْفِرْنَ شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ؛ قُصَّةٍ، وَقَرْنَيْنِ، وَلَا تُشَبِّهْنَهَا بِالرِّجَالِ» . فَأَمَّا التَّسْرِيحُ فَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟ قَالَ: يَعْنِي لَا تُسَرِّحُوا رَأْسَهُ بِالْمُشْطِ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ شَعْرَهُ وَيَنْتِفُهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: مَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا ضَفَّرْنَ. وَأَنْكَرَ الْمُشْطَ. فَكَأَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَهَا: مَشَطْنَاهَا. عَلَى أَنَّهَا أَرَادَتْ ضَفَّرْنَاهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
المغني ،ج:2،ص:352.