[مَسْأَلَةٌ حَمَلَ الْمَيِّت]
(١٥٤٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْكَتِفِ الْيُمْنَى إلَى الرِّجْلِ، ثُمَّ الْكَتِفِ الْيُسْرَى إلَى الرِّجْلِ) التَّرْبِيعُ هُوَ الْأَخْذُ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، وَهُوَ سُنَّةٌ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إذَا تَبِعَ أَحَدُكُمْ جِنَازَةً، فَلْيَأْخُذْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، ثُمَّ لْيَتَطَوَّعْ بَعْدُ أَوْ لِيَذَرْ، فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ ". وَهَذَا يَقْتَضِي سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَصِفَةُ التَّرْبِيعِ الْمَسْنُونِ أَنْ يَبْدَأَ فَيَضَعَ قَائِمَةَ السَّرِيرِ الْيُسْرَى عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى، مِنْ عِنْدِ رَأْسِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ يَضَعَ الْقَائِمَةَ الْيُسْرَى مِنْ عِنْدِ الرِّجْلِ عَلَى الْكَتِفِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَعُود أَيْضًا إلَى الْقَائِمَةِ الْيُمْنَى مِنْ عِنْدِ رَأْسِ الْمَيِّتِ فَيَضَعَهَا عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَنْتَقِلَ إلَى الْيُمْنَى مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَعَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ يَدُورُ عَلَيْهَا فَيَأْخُذُ بَعْدَ يَاسِرَةِ الْمُؤَخِّرَةِ يَامِنَةَ الْمُؤَخِّرَةِ ثُمَّ الْمُقَدِّمَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَيُّوبَ وَلِأَنَّهُ أَخَفُّ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ بِمُقَدَّمِهِ كَالْأَوَّلِ.
فَأَمَّا الْحَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ عُثْمَانَ وَسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا بَيْنَ عَمُودَيْ السَّرِيرِ. وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، قَدْ فَعَلُوهُ، وَفِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي حَمْلِ الْمَيِّتِ تَوْقِيتٌ يَحْمِلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ.
وَنَحْوُهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاتِّبَاعُ الصَّحَابَةِ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فِيمَا فَعَلُوهُ وَقَالُوهُ، أَحْسَنُ وَأَوْلَى.
المغني ،ج:2،ص:357.