[فَصْلٌ التَّلْقِينُ بَعْدَ الدَّفْنِ]
(١٥٩٠) فَصْلٌ: فَأَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ شَيْئًا، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ قَوْلًا، سِوَى مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَهَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ، يَقِفُ الرَّجُلُ، وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، اُذْكُرْ مَا فَارَقْتَ عَلَيْهِ، شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا فَعَلَ هَذَا إلَّا أَهْلَ الشَّامِ، حِينَ مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ جَاءَ إنْسَانٌ، فَقَالَ ذَاكَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْمُغِيرَةِ يَرْوِي فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَشْيَاخِهِمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَكَانَ ابْنُ عَيَّاشٍ يَرْوِي فِيهِ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ: إنَّمَا لِأُثْبِتَ عَذَابَ الْقَبْرِ.
قَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَرَوَيَا فِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ، فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ، فَلْيَقِفْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ، وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ الثَّانِيَةَ، فَيَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ. فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا، شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا. فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَتَأَخَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَقُولُ: انْطَلِقْ، فَمَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ هَذَا وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، وَيَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى حُجَّتَهُ دُونَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ؟ قَالَ: فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّاءَ» رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي (كِتَابِ ذِكْرِ الْمَوْتِ) بِإِسْنَادِهِ.
المغني ،ج:2،ص:378.