[فَصْلُ عَجَّلَ زَكَاة مَاله ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ الْوَارِث الِاحْتِسَاب بِهَا عَنْ زَكَاة حَوْله]
(١٧٥٤) فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ، ثُمَّ مَاتَ، فَأَرَادَ الْوَارِثُ الِاحْتِسَابَ بِهَا عَنْ زَكَاةِ حَوْلِهِ، لَمْ يَجُزْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي جَوَازِهِ، بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ عَامَيْنِ.
وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ لِلزَّكَاةِ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ نِصَابٍ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ الزَّكَاةِ مِلْكُ النِّصَابِ، وَمِلْكُ الْوَارِثِ حَادِثٌ، وَلَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى حَوْلِ الْمَوْرُوثِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ الزَّكَاةَ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا غَيْرُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِخْرَاجُ الْغَيْرِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ وَلَا نِيَابَةٍ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ نَوَى، فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَنْوِ.
وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ وَقَالَ: إنْ كَانَ مُوَرِّثِي قَدْ مَاتَ فَهَذِهِ زَكَاةُ مَالِهِ، فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعُ. وَهَذَا أَبْلَغُ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا تَعْجِيلَ زَكَاةِ الْعَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَأَخْرَجَهَا بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ هَذَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ الْمُوَرِّثُ قَبْلَ الْحَوْلِ، كَانَ لِلْوَارِثِ ارْتِجَاعُهَا، فَإِذَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا احْتَسَبَ بِهَا كَالدَّيْنِ قُلْنَا: فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْتَسِبَ الدَّيْنَ عَنْ زَكَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ شَاةٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ قَرْضٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْسُبَهَا عَنْ زَكَاتِهِ، لَمْ تُجْزِهِ.
المغني ،ج:2،ص:475.