[فَصْل إذَا أَرَادَ الْمُعْتَكِفَ أَنْ يَبُولَ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَسْتٍ]
(٢١٨٠) فَصْلٌ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَسْتٍ، لَمْ يُبَحْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا، وَهُوَ مِمَّا يَقْبُحُ وَيَفْحُشُ وَيُسْتَخْفَى بِهِ، فَوَجَبَ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبُولَ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَغْسِلَهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْفَصْدَ أَوْ الْحِجَامَةَ فِيهِ، فَكَذَلِكَ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ إرَاقَةُ نَجَاسَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَشْبَهَ الْبَوْلَ فِيهِ. وَإِنْ دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ كَبِيرَةٌ، خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَفَعَلَهُ، وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ، كَالْمَرَضِ الَّذِي يُمْكِنُ احْتِمَالُهُ
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ الْفَصْدُ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَسْتٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ يَجُوزُ لَهَا الِاعْتِكَافُ، وَيَكُونُ تَحْتَهَا شَيْءٌ يَقَعُ فِيهِ الدَّمُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، وَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا يُمْكِنُهَا التَّحَرُّزُ مِنْ ذَلِكَ، إلَّا بِتَرْكِ الِاعْتِكَافِ بِخِلَافِ الْفَصْدِ.
المغني ،ج:3،ص:204.