الْأَدْعِيَة المبتدعة الْمُحرمَة والمكفرة لأصحابها عِنْد الشدائد والكروب

الْأَدْعِيَة المبتدعة الْمُحرمَة والمكفرة لأصحابها عِنْد الشدائد والكروب

اللفظ / العبارة' الْأَدْعِيَة المبتدعة الْمُحرمَة والمكفرة لأصحابها عِنْد الشدائد والكروب
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي بدعة
القسم المناهي العملية
Content

فصل فِي الْأَدْعِيَة المبتدعة الْمُحرمَة والمكفرة لأصحابها عِنْد الشدائد والكروب

نذْكر هُنَا وَالله تَعَالَى يعلم أَن قُلُوبنَا مَمْلُوءَة حسرة وندامة وأسفاً وحزناً على أكبر رزء وَأعظم داهية، وأفظع وأشنع مُصِيبَة أُصِيب بهَا الدّين وَأَهله إِلَّا وَهِي: إِعْرَاض كل النَّاس وَالْعُلَمَاء إِلَّا من عصم وَهُوَ نزر قَلِيل. عَن هَذِه الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة الثَّابِتَة عَن الْمَعْصُوم فِي كتب الْإِسْلَام. إِلَى مَا ابتدعوه واخترعوه من النداءات والاستغاثات الكفرية الشيطانية العفريتية، فتراهم يَقُولُونَ عِنْد الكرب والشدة يَا سيدة زَيْنَب، يَا سِتّ أم هَاشم يَا كَرِيمَة الْيَد، أغيثيني أدريكيني أنقذيني من دي الورطة وَيبقى لَك عِنْدِي دستة شمع أَو كيلة فول نابت كل سنة أَو أعمل لَك حَضْرَة كل جُمُعَة. يَا سيدنَا الْحُسَيْن سقتك على جدك وسقت جدك على رَبك، يَا رَسُول الله غوثا ومدداً. يَا سيد يَا بدوي يَا بو فراج، يَا حجَّة المنضام، يَا منجد العيان، تصرف لي فِي فلَان وَلَك عِنْد عجل جاموس يجي لَك ماشي على رجلَيْهِ كل سنة، وَرُبمَا كَانَ لهَؤُلَاء الجهلاء بعض الْعذر لأَنهم مَا زَالُوا يرَوْنَ أَصْحَاب العمائم الغليظة والأكمام الواسعة من حَملَة الشَّهَادَات العالمية وأرباب الْوَظَائِف الْعَالِيَة الرسمية الحكومية، يَقُولُونَ فِي دروسهم ويؤلفون فِي كتبهمْ مَا أوقعهم وأداهم إِلَى الْوُقُوع فِي هَذَا الضلال، فَمن ذَلِك قَول بَعضهم فِي استغاثته بالرسول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) ، (تدارك أَغِثْنِي فِي أموري فإنني ... عرتني هموم مسهن أَلِيم)

(وَمَا ذكر تفصيلاتها لَك لَازم ... فَأَنت بأسرار الغيوب عليم)

وَكَذَا قَوْلهم:

(يَا نَبِي الْهدى استغاثه ملهوف ... رمته فِي خطبهَا الْأَهْوَاء)

(فأغثني فَمن سواك لمأسوف ... أضرت بِحَالهِ الحوباء)

وَكَذَا قَوْلهم:

(يَا صَاحب الْقَبْر الْمُقِيم بِيَثْرِب ... يَا مُنْتَهى أملي وَغَايَة مقصدي)

(يَا من بِهِ فِي النائبات توسلي ... وَإِلَيْهِ من كل الْحَوَادِث مهربي. الخ)

وَكَذَا قَوْلهم:

(نَبِي الْهدى ضَاقَتْ بِي الْحَال فِي الورى ... وَأَنت بِمَا أملت مِنْك جدير)

(فسل خالقي تفريج كربي فَإِنَّهُ ... على فَرجي دون الْأَنَام قدير)

وَكَذَا قَوْلهم:

(بآل الْبَيْت ثمَّ الْأَوْلِيَاء ... وبالعلماء ثمَّ الأتقياء)

(وبالشهداء ثمَّ بأصفياء ... أغيثوني لِأَنِّي فِي بلَاء)

وَكَذَا قَوْلهم:

(إِذا مَا الدَّهْر فاجأني بضيم ... وحاول أَن أكون لَهُ فريسة)

(ليشمت بِي كعادته الأعادي ... بني الأوغاد وَالنّسب الخسيسة)

(فَمَالِي من أصد بِهِ أَذَاهُ ... سوى طه وَابْنَته نفيسة)

وَكَذَا قَوْلهم:

(يَا ابْن الرِّفَاعِي تدارك ... لمن أَتَى واستجارك)

(شيخ العويجا أَغِثْنِي ... أَصبَحت فِي الْحمى جَارك)

(إِلَى يَا بن الرَّسُول أَغِثْنِي ... فقد تعاظم حزبي)(فَإِن تغاضيت عني ... يصير عاري عارك)

وَمن التبجح والتنطع والتغفيل الفاضح قَول بَعضهم:

(نَحن الغياث لمن ضَاقَتْ مذاهبه ... فاهتف بِنَا إِن تضق أَو إِن تكن تضم)

(نَحن الَّذين لهَذَا الْكَوْن ذُو مدد ... يَنَالهُ من رآنا أَو نأى فَعمى)

فوَاللَّه الَّذِي نقس مُحَمَّد بِيَدِهِ، إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم لم يَذُوقُوا لِلْإِسْلَامِ وَلَا للتوحيد وَلَا للْإيمَان طعما، واعتقادي فيهم أَن صلَاتهم وَجَمِيع عباداتهم بَاطِلَة، قَالَ تَعَالَى لنَبيه: {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وَكن من الشَّاكِرِينَ} . وَلَا تصح الصَّلَاة خَلفهم إِن كَانُوا بلغتهم الدعْوَة، وإنني لأتحامى دَائِما عَن الصَّلَاة خَلفهم وأعتقد بُطْلَانهَا إِن وَقعت خَلفهم من غَيْرِي.

(وَمَا عَليّ إِذا مَا قلت معتقدي ... دع الجبول يظنّ الْجَهْل عُدْوانًا)

كَيفَ يعْذر هَؤُلَاءِ أَو يقبل عذرهمْ وهم يقرؤون ويحفظون على صُدُورهمْ آيَة: {قل لَا أملك لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا إِلَّا مَا شَاءَ الله} وَآيَة {قل إِنِّي لَا أملك لكم ضرا وَلَا رشدا} ، {قل مَا كنت بدعا من الرُّسُل وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم إِن أتبع إِلَّا مَا يُوحى إِلَيّ وَمَا أَنا إِلَّا نَذِير مُبين} وَهل من يقْرَأ آيَة: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} وَيقْرَأ قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) كَمَا فِي البُخَارِيّ: " يَا معشر قُرَيْش اشْتَروا أَنفسكُم لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، يَا بني عبد منَاف لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، يَا عَبَّاس بن عبد الْمطلب لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، وَيَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، وَيَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سليني مَا شِئْت من مَالِي لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا " وَيقْرَأ حَدِيث التِّرْمِذِيّ " إِذا سَأَلت فاسأل الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه " الحَدِيث. وَيقْرَأ وَيفهم معنى قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَمَا فِي الصَّحِيح: " لَا يُستغاث بِي وَإِنَّمَا يستغاث بِاللَّه عز وَجل " ثمَّ بعد هَذَا كُله يَقُول: " يَا كاشف الكربات يَا شيخ الْعَرَب، فَهَذَا لَا يَصح

أَن يعد من عوام الْمُسلمين فضلا عَن عُلَمَائهمْ، إِذْ لَا يفرق بَين التَّوْحِيد والشرك فَمثله فِي فهم الْقُرْآن: {كَمثل الْحمار يحمل أسفارا بئس مثل الْقَوْم}

{إِن هم إِلَّا كالأنعام بل هم أضلّ أُولَئِكَ هم الغافلون} .

وَحَدِيث توسلوا بجاهي فَإِن جاهي عِنْد الله عَظِيم " كذب مَوْضُوع مفترى وَلَيْسَ لَهُ أصل قطعا فِي جَمِيع كتب السّنة وَمَا ألْقى هَذَا بَين النَّاس إِلَّا شَيْطَان مُرِيد لَعنه الله.

وَحَدِيث: " إِذا أعيتكم الْأُمُور فَعَلَيْكُم - أَو فاستغيثوا - بِأَهْل الْقُبُور " مختلق مَكْذُوب {إِن الَّذين يفترون على الله الْكَذِب لَا يفلحون} .

وَحَدِيث: " إِن الله يُوكل ملكا على قبر كل ولي يقْضِي حوائج النَّاس " هُوَ من كَلَام الشَّيَاطِين وَلَيْسَ من كَلَام النُّبُوَّة.

وَحَدِيث الْأَعْمَى: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوسل إِلَيْك بنبيك " الحَدِيث صَحِيح غَرِيب وَهُوَ توسل بِدُعَاء النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) فقد اسْتَجَابَ الله دعاءه فَرد بصر الضَّرِير فَهُوَ معْجزَة للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) عَظِيمَة.

وَحَدِيث: " حَياتِي خير لكم ومماتي خير لكم " الحَدِيث ضعفه فِي الْجَامِع وشارحه وَضَعفه الْعِرَاقِيّ فِي تَخْرِيج الْإِحْيَاء وَهُوَ مُرْسل عِنْد جمَاعَة فَلَا حجَّة فِيهِ فالمطلوب من كل مُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسْأَل الله النَّبِي الْوَسِيلَة والفضيلة لتحل لَهُ شَفَاعَته كَمَا فِي الصَّحِيح وَأَن يكثر من الصَّلَاة على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَأَن يكون هَوَاهُ تباعا لما جَاءَ بِهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَا أَن يتوسل بِهِ. فحذار حذار من قِرَاءَة التوسلات الرفاعية الَّتِي فِيهَا:

(يَا رَبنَا أَنْت اللَّطِيف فَكُن لنا ... عوناً معنيا فِي الشدائد والردى)

(إِلَى متوسلين إِلَى جنابك سَيِّدي ... فِي دفع مَا نخشاه من كيد العدا)

(إِلَيّ بِمُحَمد وببنته وببعلها ... بابنيهم القمرين أَعْلَام الْهدى)

(إِلَيّ وبشيبة الصّديق مؤنس أَحْمد ... فِي الْغَار يَا رب الْعباد وَسَيِّدًا).(إِلَيّ بالسيد البدوي بَاب الْمُصْطَفى ... بَحر الفتوة والمكارم والندا)

(وبعابد المتعال ثمَّ مُجَاهِد ... فهما الْوَسِيلَة للملثم أَحْمد)

الخ جنونهم الْقَبِيح.

فَكل مَا كَانَ هَكَذَا من توسلات الأحمدية والبرهامية والقادرية والبيومية والشاذلية والخلوتية والعفيفية والحبيبية والخليلية وأمثالهم فَلَا تلتفوا إِلَيْهِ واحذوره كل الحذر، و {اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم وَلَا تتبعوا من دونه من أَوْلِيَاء} ، {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب} .

يَا إخْوَانِي، وَالله إِن آيَة وَاحِدَة بل كلمة وَاحِدَة بل حرفا وَاحِدًا من كتاب ربكُم أَو من سنة نَبِيكُم خير لكم من جَمِيع هَذِه التهاويش المبتدعة الَّتِي لَا يجوز لكم أَن تتعبدوا بهَا، وَلَو عشتم عمر نوح تتعبدون بهَا مَا قبل الله مِنْهَا حرفا وَاحِدًا مِنْكُم إِن سلمتم من عِقَابه وَلَا أَظُنهُ أبدا إِلَّا بِالتَّوْبَةِ النصوح لِأَن الله لَا يعبد إِلَّا بِمَا شرع لَا بالمحدثات والبدع، وَالدَّلِيل على بطلَان عَمَلكُمْ قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد ". وَقَوله: " فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني " هَذِه نصيحتي إِلَيْكُم، يَا إخْوَانِي، وَمن شَاءَ فَليتبعْ، وَمن شَاءَ فليبتدع {وَقل الْحق من ربكُم فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر إِنَّا أَعْتَدْنَا للظالمين نَارا أحَاط بهم سرادقها} .

فصل فِي تَركهم للاسم الْأَعْظَم الرفيع، وتعبدهم بِالِاسْمِ الأحقر الوضيع

اعْلَم أَن من أدهى الدَّوَاهِي أَنَّك ترى الجم الْغَفِير قد أَعرضُوا عَن الْوَارِد الثَّابِت عَن الْمَعْصُوم إِلَى مَا زينه لَهُم واخترعه شياطين الْإِنْس من المتصوفة وَأهل الطَّرِيق، يتركون مَا تعبد بِهِ الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] هُوَ وَأَصْحَابه من الذّكر باسم الله الْأَعْظَم، ويتعبدون باهم صقك حلع يص وَيَقُولُونَ: إِن هَذَا هُوَ اسْم الله الْأَعْظَم، قولا على الله بِغَيْر علم، والأدهى إِثْبَات هَذَا السبهلل فِي مؤلفات المعممين، وَجعله دينا وَشرعا قويماً، وَبَعْضهمْ يَقُول: اسْم الله الْأَعْظَم هُوَ: طهُور بدعق محببه صوره سقفاً طيس سقاطيم أحون قَاف أَدَم حمهاء آمين. وَهُوَ كَالَّذي قبله ضلال وإضلال وَلَا يتعبد بِهِ ويعرض عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَّا أغفال جهال، وَقد قَالَ الإِمَام مَالك رَحمَه الله فِي هَذِه الْأَلْفَاظ السريانية والعبرانية والعجمية: وَمَا يدْريك لَعَلَّهَا تكون كفرا أه. وَكَذَا استغاثتهم بالجلجلوتية الَّتِي يَقُولُونَ فِيهَا: بآج أهوج جلجلوت هلهلت، بصمصام طمطام، لَا شكّ أَنَّهَا حرَام أَو كفر وَبَعض المتشذلين يَقُولُونَ: اسْم الله الْأَعْظَم هُوَ، آه آه، وَهَذَا ضلال كَبِير وَجَهل فظيع بِالدّينِ واللغة، قَالَ فِي الْمِصْبَاح وَالْمُخْتَار: قَوْلهم عِنْد الشكاية أوه من كَذَا سَاكِنة الْوَاو إِنَّمَا هُوَ توجع، وَرُبمَا قلبوا الْوَاو ألفا فَقَالُوا: آه من كَذَا. أه. وَمثله فِي نِهَايَة ابْن الْأَثِير وَجَمِيع كتب اللُّغَة وَعَلِيهِ فَيكون معنى اسْم الله الْأَعْظَم عِنْدهم؛ أتوجع، فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم.

فالإستغاثة والتوسل بمنظومة أَسمَاء أهل بدر بِدعَة لم تشرع، وَكَذَا التضرع بنظم الهمزية فِي الاستغاثة بِخَير الْبَريَّة بِدعَة ضَلَالَة؛ وتوسل النقشبندية مُنكر وضلالة واستغاثات الميرغنية ضلالات فَوق ظلمات؛ وتوسلات الخلوتية والصاوية بدع مهلكات، وَكَذَا الاستغاثة بجالية الكدر بِدعَة وَهِي جالبة للشر وَالضَّرَر، بمخالفة سيد الْبشر، والتوسلات كلهَا والاستغاثات بالمخلوقات سوى مَا صَحَّ عَن سيد الكائنات، بدع ومنكرات وضلالات موبقات {وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا} .

كتاب السنن والمبتدعات ، ص: 262 إلى 267.


Loading...