مَسْأَلَة الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَلَم أَظْفَارِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ]
(٢٣٦٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَقْطَعُ ظُفْرًا إلَّا أَنْ يَنْكَسِرَ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَلْمِ أَظْفَارِهِ، إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْأَظْفَارِ إزَالَةُ جُزْءٍ يَتَرَفَّهُ بِهِ، فَحُرِّمَ، كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ. فَإِنْ انْكَسَرَ، فَلَهُ إزَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ تَلْزَمُهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُزِيلَ ظُفْرَهُ بِنَفْسِهِ إذَا انْكَسَرَ، وَلِأَنَّ مَا انْكَسَرَ يُؤْذِيهِ وَيُؤْلِمُهُ، فَأَشْبَهَ الشَّعْرَ النَّابِتَ فِي عَيْنِهِ، وَالصَّيْدَ الصَّائِلَ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَصَّ أَكْثَرَ مِمَّا انْكَسَرَ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِذَلِكَ الزَّائِدِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الشَّعْرِ أَكْثَرِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.
وَإِنْ احْتَاجَ إلَى مُدَوَّاةِ قُرْحَةٍ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِقَصِّ أَظْفَارِهِ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، صَاحِبُ مَالِكٍ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ إزَالَتُهُ لِضَرَرِ فِي غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ حَلْقَ رَأْسِهِ دَفْعًا لِضَرَرِ قَمْلِهِ. وَإِنْ وَقَعَ فِي أَظْفَاره مَرَضٌ، فَأَزَالَهَا لِذَلِكَ الْمَرَضِ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَزَالَهَا لِإِزَالَةِ مَرَضِهَا، فَأَشْبَهَ قَصَّهَا لِكَسْرِهَا.
المغني ،ج:3،ص:297.