[مَسْأَلَة لَا يَتَعَمَّدُ الْمُحْرِم لِشَمِّ الطِّيبِ]
(٢٣٦٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَتَعَمَّدُ لِشَمِّ الطِّيبِ) أَيْ لَا يَقْصِدُ شَمَّهُ مِنْ غَيْرِهِ بِفِعْلٍ مِنْهُ، نَحْوِ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَ الْعَطَّارِينَ لِذَلِكَ، أَوْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ حَالَ تَجْمِيرِهَا، لِيَشُمَّ طِيبَهَا، أَوْ يَحْمِلَ مَعَهُ عُقْدَةً فِيهَا مِسْكٌ لِيَجِدَ رِيحَهَا. قَالَ أَحْمَدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كَيْفَ يَجُوزُ هَذَا؟ وَأَبَاحَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ، إلَّا الْعُقْدَةَ تَكُونُ مَعَهُ يَشُمُّهَا، فَإِنَّ أَصْحَابَهُ اخْتَلَفُوا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَشُمُّ الطِّيبَ مِنْ غَيْرِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ شَمَّ الطِّيبَ قَاصِدًا مُبْتَدِئًا بِهِ فِي الْإِحْرَامِ، فَحُرِّمَ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْقَصْدَ شَمُّهُ لَا مُبَاشَرَتُهُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَسَّ الْيَابِسَ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَوْ رَفَعَهُ بِخِرْقَةٍ وَشَمَّهُ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ، فَأَمَّا شَمُّهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَالْجَالِسِ عِنْدَ الْعَطَّارِ لِحَاجَتِهِ، وَدَاخِلِ السُّوقِ، أَوْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَمَنْ يَشْتَرِي طِيبًا لِنَفْسِهِ وَلِلتِّجَارَةِ وَلَا يَمَسُّهُ، فَغَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْ هَذَا، فَعُفِيَ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
المغني ،ج:3،ص:299.