[فَصْلٌ تَغْطِيَة الْمُحْرِم وَجْهه]
(٢٣٦٨) فَصْلٌ: وَفِي تَغْطِيَةِ الْمُحْرِمِ وَجْهَهُ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، يُبَاحُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَابِرٍ، وَالْقَاسِمِ، وَطَاوُسٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ. وَالثَّانِيَةُ، لَا يُبَاحُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ،، «أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَأَقْعَصَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي» . وَلِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَحُرِّمَ عَلَى الرَّجُلِ، كَالطِّيبِ.
وَلَنَا، مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي عَصْرِهِمْ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا» . وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَشْهُورُ فِيهِ: (وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ) هَذَا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ) . فَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِيهِ أَبُو بِشْرٍ. ثُمَّ سَأَلْته عَنْهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ، فَجَاءَ بِالْحَدِيثِ كَمَا كَانَ يُحَدِّثُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ «وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ» . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَعَّفَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: (خَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ) فَتَتَعَارَضُ الرِّوَايَتَانِ. . وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ.
المغني ،ج:3،ص:301.