[فَصْل لَا يُجْزِئهُ الرَّمْيُ إلَّا أَنْ يَقَع الْحَصَى فِي الْمَرْمِيّ]
(٢٥٣٧) فَصْلٌ: وَلَا يُجْزِئُهُ الرَّمْيُ إلَّا أَنْ يَقَعَ الْحَصَى فِي الْمَرْمَى، فَإِنْ وَقَعَ دُونَهُ، لَمْ يُجْزِئْهُ. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّمْيِ وَلَمْ يَرْمِ. وَإِنْ طَرَحَهَا طَرْحًا؛ أَجْزَأْهُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى رَمْيًا. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِئُهُ. وَإِنْ رَمَى حَصَاةً، فَوَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى، فَأَطَارَتْ حَصَاةً أُخْرَى، فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى، لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ الَّتِي رَمَاهَا لَمْ تَقَعْ فِي الْمَرْمَى. وَإِنْ رَمَى حَصَاةً، فَالْتَقَمَهَا طَائِرٌ قَبْلَ وُصُولِهَا، لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي الْمَرْمَى.
وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى مَوْضِعٍ صُلْبٍ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ عَلَى الْمَرْمَى، أَوْ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ، ثُمَّ طَارَتْ فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى، أَجْزَأَتْهُ، لِأَنَّ حُصُولَهُ بِفِعْلِهِ. وَإِنْ نَفَضَهَا ذَلِكَ الْإِنْسَانُ عَنْ ثَوْبِهِ، فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى، فَعَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِرَمْيِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ حُصُولَهَا فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِ الثَّانِي، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَذَهَا بِيَدِهِ فَرَمَى بِهَا. وَإِنْ رَمَى حَصَاةً، فَشَكَّ: هَلْ وَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى أَوْ لَا؟ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرَّمْيِ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ، أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ دَلِيلٌ. وَإِنْ رَمَى الْحَصَيَاتِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، لَمْ يُجْزِهِ إلَّا عَنْ وَاحِدَةٍ.
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يُجْزِئُهُ، وَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ. وَلَنَا، أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى سَبْعَ رَمَيَاتٍ، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي الرَّمْيِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ.
المغني ،ج:3،ص:383.